إعادة اعمار العراق: محادثة مفتوحة بين المهندسين

30 أغسطس 2021

المهندسة الكهربائية لما عصاصة (يسار) تقف خارج كلية التمريض والصيدلة في جامعة نينوى في الموصل والمهندس علي نوري (يمين) في أحد مواقع إعادة الإعمار في الرمادي. الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

بعد خمس سنوات من التحرير من داعش، يواصل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي العمل مع حكومة العراق لتحقيق الاستقرار وإعادة بناء البنية التحتية والخدمات الاساسية التي فقدها خلال الصراع. يتم تنفيذ هذا العمل من خلال برنامج اعادة الاستقرار للمناطق المحررة، حيث ينجز أكثر من 95 في المائة من العمل من خلال القطاع الخاص المحلي، مما يقلل التكاليف ويعزز الاقتصادات المحلية ويوفر مداخيل طارئة.

ماذا يعني للمهندسين والمهندسات في العراق اعادة بناء بلدهم بعد داعش؟ كيف تخلق جهود تحقيق الاستقرار بيئة آمنة وحياة كريمة للعراقيين للعودة؟

يقف وراء البرنامج فريق قوي يضم أكثر من 200 مهندسة ومهندس ذوو مهارة عالية في وسط وشمال العراق. مع وجود المهندسين في موقع العمل، فإنهم الانسب للإجابة على هذه الأسئلة. تابع قراءة المحادثة للحصول على الأجوبة.

لما: مرحباً، أنا  لما عصاصة من مدينة دمشق التاريخية في سوريا. بدأت العمل في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق في عام 2019 كمهندسة كهربائية في الموصل والمناطق المحيطة بها. وانت؟

علي: انه لمن دواعي سروري مقابلتك يا لما. انا علي نوري من الرمادي في الانبار. أعمل مع البرنامج منذ عام 2017. لطالما حلمت بأن أصبح مهندساً وأقوم بإجراء اي تغيير، مهما كان كبيراً أو صغيراً. وبات هذا التغيير أكثر أهمية اليوم، حيث ان بلدي يتعافى من سنوات عديدة من النزاعات والهشاشة.

لما: لقد ذكرتني بالسبب الرئيسي لما انا عليه الان. كنت أرغب دائماً في بناء بلدي وتطويره، لذلك كانت الهندسة المكان المناسب لي. أحب كون وظيفتي تؤثر بشكل مباشر على حياة الناس.

علي: انا اتفق معك بشدة يا لما. منذ تخرجي في عام 2007، عملت كمهندس مع العديد من المنظمات لإعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة في جميع أنحاء العراق. على مر السنين، أتقنت القدرة على ضمان جودة البناء واتخاذالقرارات الصحيحة لحل التحديات اليومية. إذن، ما هي التحديات التي تواجهينها أثناء العمل؟

 

يقضى المهندس علي لحظة ممتعة مع زميله أثناء عمله في محطة كهرباء القادسية في الرمادي. الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

 

لما: التحديات الرئيسية التي أواجهها هي ضمان استيفائنا للمواصفات المطلوبة والمواعيد النهائية الضيقة لتسليم البنية التحتية المعاد تأهيلها للسلطات المحلية. بصراحة، لن يكون هذا ممكناً من دون العمل الجماعي ووضع جداول زمنية واضحة.

يجب أن أضيف أيضا، ان الجزء الأكثر متعة في عملي هو مراقبة تقدم العمل في مواقع البناء ثم معرفة كيف تؤثر استعادة خدمة معينة بشكل مباشر على المجتمع. ماذا عنك يا علي؟

علي: بسبب الحرب ضد داعش، تم تدمير معظم البنية التحتية والخدمات في الأنبار، إلى جانب نزوح عدد كبير من الناس. كان علينا أن نتحرك بسرعة في وضع وتنفيذ خطة لاستعادة البنية التحتية عبر قطاع الصحة والمياه، والصرف الصحي، والتعليم والكهرباء. بعد وقت قصير من إطلاق برنامج تحقيق الاستقرار التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الرمادي، كنت من أوائل المهندسين الذين عادوا إلى المدينة للإشراف على المشاريع.

بعد التحرر من تنظيم داعش، عدت مع عائلتي إلى منزلي المدمر جزئياً. لقد شاهدت الدمار عن كثب وكنت مصمماً على إعادة مدينتي إلى مجدها السابق.

ترك البرنامج أثراً إيجابياً على حياة الناس في الأنبار. اذ يثق الناس الآن بأننا سوف ننفذ عندما نلتزم بمشروع معين. وحتى أن بعض السكان تشجوا للانضمام إلينا. في إحدى المدارس التي قمنا بإعادة تأهيلها في الرمادي، تطوع طاقم المدرسة للعمل معنا لتسريع إعادة الإعمار حتى يتمكن الأطفال من العودة إلى المدرسة. في موقع كهرباء آخر، قدم السكان الذين يعيشون بالقرب من الموقع الطعام والماء للمهندسين. حتى أنه كان لدينا حالات لسكان يقومون بحراسة وتخزين مواد المشروع مجاناً.

 

المهندسة لما تتابع تقدم العمل في احدى مواقع إعادة الإعمار في الموصل. الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

 

لما: في بادئ الامر، كان العثور على الكفاءات المناسبة للعمل في المشاريع المتخصصة أمراً صعباً لأن معظم المهندسين غادروا بسبب داعش. تخلق مشاريع إعادة التأهيل لدينا فرص عمل وتحسن نوعية الحياة، وتشجع الناس على العودة إلى ديارهم وإعادة بناء مدنهم. أعتقد أن إطلاق العنان للقدرات المحلية هو المفتاح لإعادة بناء العراق بشكل مستدام.

 

المهندسة لما برفقة زميلها داخل محطة باب الطوب في الموصل. الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

 

علي: يعتبر هذا البرنامج هو الانسب وحل محلي للمشاكل المحلية. انا سعيد جداً بوجودي هنا. آمل أن نواصل مساعدة العراقيين الذين هم في أمس الحاجة للتعافي بعد سنوات عديدة من الصراع.

 

يقف المهندس علي مع فريقه خارج مدرسة ثانوية أعيد تأهيلها حديثًا في الخالدية، الحبانية. الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

 

لمأ: أوافقك الرأي. لا يزال الكثير من البنية التحتية متضرراً ولا يزال هنالك عوائل نازحة. على الرغم من أننا أكملنا العديد من مشاريع البنية التحتية، إلا أن هناك العديد من المستشفيات ومحطات الكهرباء الفرعية ومحطات معالجة المياه والمتاجر والمدارس والمنازل لا تزال متضررة. أعتقد أيضاً أننا بحاجة إلى البدء في تحويل تركيزنا نحو خلق سبل عيش مستدامة والوصول المستمر إلى الخدمات الأساسية للعائلات العائدة، للتقليل من امكانية النزوح مرة اخرى.

أكمل برنامج اعادة الاستقرار للمناطق المحررة 2,906 مشروعاً. ينفذ حالياً 278 مشروعاً في أنحاء مختلفة من الأنبار وصلاح الدين وديالى ونينوى وكركوك، يستفيد منها أكثر من 14.6 مليون شخص.