في اليمن، نلبي أولويات المجتمع ونعالج آثار تغيرات المناخ معاً
22 أبريل 2025

صبيان يركبان دراجة هوائية على طريق عقبة ذي صرا، الذي تم تأهيله من قبل السلطات المحلية عبر مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن، قبل فرش الأسفلت في لحج.
تعد اليمن واحدة من أكثر الدول عرضة لتغير المناخ على مستوى العالم، ويزيد من تعقيد هذه الوضعية النزاع المستمر، تقلبات أنماط هطول الأمطار، والأحداث المناخية القاسية كالفيضانات المدمرة. ومع كونها من بين أكثر الدول التي تعاني من شح المياه، فإن اليمن يواجه أزمة متفاقمة مع تصاعد تأثيرات تغير المناخ. إن الآثار السلبية على إدارة الموارد كانت حادة بشكل خاص، مما عرقل جهود التعافي وأعاق المساعي نحو بناء السلام. هذا التحدي المتعدد الأبعاد يبرز الحاجة الملحة لاستراتيجيات شاملة وعاجلة لمعالجة التحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية.
التداعيات الاقتصادية لتغير المناخ في اليمن واضحة وعميقة. فقد تم تقويض الزراعة، وهي ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، بسبب الأحوال الجوية القاسية، وتدهور التربة، وتناقص الموارد المائية. إن فقدان الأراضي الصالحة للزراعة، إلى جانب انخفاض الإنتاجية الزراعية، فاقم من مشكلة انعدام الأمن الغذائي ورفع أسعار المواد الغذائية، مما أثر بشكل كبير على الفئات الأكثر هشاشة. هذه الظروف تضع ضغطًا هائلًا على بنية تحتية هشة أصلاً، مما يعرقل النمو الاقتصادي ويزيد من اعتماد اليمن على المساعدات الخارجية. كما أن التدهور المستمر في قدرة اليمن الزراعية يزيد من تعرضها للأزمات الاقتصادية وانعدام الأمن الغذائي.
ورغم هذه التحديات، هناك العديد من المبادرات المحلية في اليمن التي تهدف إلى بناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ وتعزيز مرونة المجتمع. وتشمل هذه المبادرات استعادة النظم البيئية، وتحسين إدارة الموارد المائية، ودمج قضايا المناخ في خطط التنمية. على سبيل المثال، عندما وضعت السلطات المحلية خططها للتعافي وبناء القدرة على الصمود من خلال مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن، التزمت بتقليص الآثار البيئية السلبية. وقد شملت جهودهم تعزيز الاستدامة البيئية في العديد من القطاعات مثل البناء، وإدارة المياه، والطاقة المتجددة، والزراعة، مع التركيز بشكل خاص على الاستدامة وتقليل الأضرار البيئية.

موظفو السلطات المحلية في خور مكسر خلال ورشة عمل لمراجعة خطط المرونة والتعافي في محافظة عدن.
دمج الاعتبارات البيئية في المشاريع الإنشائية
أحد الأساليب الرئيسية التي تعتمدها السلطات المحلية لتخفيف تأثيرات تغير المناخ هو استخدام المواد المستدامة في مشاريع البناء وإعادة التأهيل، مثل الحجر والخشب المحليين، مما يقلل من انبعاثات النقل ويدعم الاقتصاد المحلي. تركز المشاريع على التصاميم الموفرة للطاقة التي تساهم في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، مثل تضمين أنظمة الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية، واستخدام الأجهزة ذات الكفاءة الطاقية، وتعظيم التهوية الطبيعية لتقليل الحاجة للتدفئة والتبريد. كما تُعتبر المحافظة على المياه من الأولويات، حيث يتم تنفيذ أنظمة جمع مياه الأمطار وتركيب أجهزة موفرة للمياه لتقليل استهلاك الموارد.
تستمر إدارة البيئة طوال دورة حياة المشروع، من مرحلة التخطيط الأولية وحتى البناء والصيانة. تُتخذ تدابير لضمان الحفاظ على التنوع البيولوجي، وتقليل تلوث الهواء والضوضاء، كما يتم تقييم تأثير المشروع على النظم البيئية المحلية بشكل دقيق مع وضع تدابير للتخفيف قبل بدء البناء. وبما يتماشى مع تعزيز القدرة على التكيف مع تغير المناخ، يتم تصميم البنية التحتية لتحمل الأحداث المناخية المتطرفة، مع إضافة ميزات مثل الهياكل المرتفعة وحلول التصريف الفعالة.
كما تشجع السلطات المحلية على مشاركة المجتمعات المحلية في عملية التخطيط لضمان توافق المشاريع مع الأهداف البيئية واحتياجات المجتمع، مما يعزز الشعور بالملكية والتعاون. يساعد المراقبة والصيانة المنتظمة في الحفاظ على استدامة البنية التحتية مع مرور الوقت، مما يضمن أنها تواصل خدمة البيئة والسكان المحليين.

مديرة مدرسة دار سعد في عدن واقفًة على سطح المدرسة لعرض الألواح الشمسية لفريق المشروع.
تزويد المؤسسات التعليمية بمنظومات الطاقة الشمسية
لمعالجة تأثير انقطاع التيار الكهربائي في اليمن على العملية التعليمية، قامت السلطات المحلية في 45 مديرية مستهدفة ضمن مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن بتركيب الألواح الشمسية في أكثر من 70 مؤسسة تعليمية. من خلال استخدام الأسطح المسطحة للمدارس، يتم توفير الكهرباء بشكل مستمر واستبدال الحاجة إلى مصادر الطاقة التي تعتمد على الوقود الأحفوري. هذا التحول لم يُسهم فقط في القضاء على تكاليف الكهرباء، التي تُعتبر عبئًا ماليًا كبيرًا على المؤسسات التعليمية، بل يضمن أيضًا أن تبقى الفصول الدراسية باردة بشكل مناسب خلال فترات الحر، ويُطيل الدوام في الفترات المسائية، مما يجعل البيئة أكثر ملائمة للتعلم، خاصة للنساء والفتيات.
هناك أيضًا فائدة كبيرة للمعلمين والمديرين التربويين، حيث أصبحت أجهزة النسخ الخاصة بأوراق الامتحانات تعمل بشكل مستمر، مما يتيح إعداد الاختبارات للطلاب وإنجازها في الوقت المحدد. كما أن إدخال البيانات أصبح الآن غير متقطع، مما يقلل من التراكمات. وتسمح الكهرباء المستمرة أيضًا بإدخال طرق التعليم الإلكتروني، مثل الوصول إلى الإنترنت، والشاشات التفاعلية، والموارد عبر الإنترنت.
يساهم استخدام الطاقة الشمسية في تقليص البصمة الكربونية ويعزز التكيف مع تغير المناخ، مما يُظهر للطلاب أهمية الحلول الطاقية المستدامة.

نساء يزرعن الأشجار حول مركز صحي.
جهود التشجير
تتركز جهود السلطات المحلية أيضًا على التشجير كاستراتيجية لتخفيف آثار تغير المناخ. خلال فترة تنفيذ أولوياتها العامة ضمن مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن، تم زراعة حوالي 6,000 شجرة حول المنشآت الخدمية العامة مثل المراكز الصحية والمدارس. تم اختيار هذه الأشجار بعناية لتمتعها بقدرة عالية على امتصاص ثاني أكسيد الكربون وسرعة نموها. ومن المتوقع أن تمتص هذه الأشجار حوالي 132,000 طن من انبعاثات الكربون سنويًا، وتحسن جودة الهواء، وتوفر الظل للمساحات العامة، وتساهم في الحفاظ على التربة.
الاستجابة للكوارث وإدارة المخلفات
في المناطق التي تتعرض للفيضانات بشكل متكرر، مثل المكلا وسيئون في حضرموت، دعم مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن السلطات المحلية في تعزيز قدرتها على الاستجابة للكوارث. من خلال توفير المعدات مثل الشاحنات، والحفارات، وآلات الشفط، يمكنهم إدارة النفايات الناتجة عن الفيضانات بشكل أفضل، وتحسين أنظمة الصرف، وإعادة تأهيل الطرق الريفية. وهذا يساهم في تقليل انبعاثات الميثان الناتجة عن النفايات وحماية المجتمعات من الأمراض المنقولة عبر المياه.

شبكة الصرف الصحي المُعَاد تأهيلها وتجهيزها حديثًا في البريقة، عدن.
مشاريع إدارة المياه والصرف الصحي
عملت السلطات المحلية، من خلال مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن، على إعادة تأهيل 15 محطة معالجة مياه الصرف الصحي و34 نظامًا مائيًا. تساهم هذه المبادرات في تحسين الوصول إلى المياه للمجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء. بالإضافة إلى ذلك، تم تركيب أنظمة لجمع مياه الأمطار في المدارس في المناطق ذات الأمطار الوفيرة، مما يقلل من الاعتماد على مصادر المياه الخارجية ويعزز من الحفاظ على المياه.
على مدار السنوات الأربع الماضية، دعم مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن أيضًا تجديد أو إضافة 365 منشأة للمياه والصرف الصحي والنظافة في المدارس والمراكز الصحية والمساحات العامة الأخرى لضمان وصول المجتمعات إلى خدمات الصرف الصحي المدارة بأمان. تضمن مرافق الصرف الصحي المناسبة المعالجة السليمة للنفايات البشرية وتحد من انتشار الأمراض مثل الكوليرا. كما أنها تعزز من وصول النساء والفتيات إلى مساحات خاصة وآمنة للنظافة.
إعادة تأهيل قنوات الري في حضرموت
في حضرموت، قامت السلطات المحلية، من خلال مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن، بإعادة تأهيل قنوات الري الرئيسية لتحسين تدفق المياه لاستخدامها في الزراعة. أدى هذا المشروع إلى تقليل الفاقد من المياه بنسبة 57%، وزيادة كفاءة المياه بنسبة 77%، وتحسين الإنتاجية الزراعية. كما أدى المشروع إلى زيادة بنسبة 67% في دخل المزارعين المحليين من الحناء بفضل تحسن الجودة، وتقليص وقت الري، مما ساعد على تحسين كفاءة العمل.

مزارع يمني يتفقد مزرعته من أجل جودة المحصول
تعزيز الزراعة المائية
مع التحديات المتزايدة المتعلقة بندرة المياه، قدم مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن الزراعة المائية كحل مستدام للإنتاج الزراعي. من خلال تدريب المزارعين المحليين وتوفير أنظمة الزراعة المائية، تم تقليل استهلاك المياه وتخفيف التحديات المرتبطة بالتربة. تتيح هذه الطريقة الزراعة طوال العام، مما يعزز من الأمن الغذائي وسبل العيش، خاصة في المناطق التي يصعب الوصول إليها.

خزان مياه تم بناؤه حديثًا بدعم من مشروع SIERY.
دعم مزارعي البُن
لقد دعم مشروع تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن تحسين البنية التحتية للمياه لحوالي 200 مزارع بن وما يقدر بـ 30,000 شجرة بن في اليمن. من خلال بناء وإعادة تأهيل خزانات المياه وأنابيبها، أصبح لدى مزارعي البن الآن مصدر موثوق للمياه لزراعة البن، مما يقلل من الاعتماد على الأمطار الموسمية غير المتوقعة. يدعم هذا المشروع الممارسات الزراعية المستدامة، ويحسن إنتاج المحاصيل، ويعزز من سبل عيش المزارعين.
الفوائد المالية والبيئية للطاقة المتجددة
تم تركيب ألواح الطاقة الشمسية في 114 موقعًا عامًا (منشآت اجتماعية: مرافق مدنية وخدمية، تعليم، صحة، مباني حكومية محلية، وطرق رئيسية) بما في ذلك مكاتب المؤسسات الحكومية، للتحول من استخدام مولدات الديزل إلى الطاقة المتجددة. من خلال استبدال المولدات بأنظمة الطاقة الشمسية، وفر المشروع حوالي 738,504 دولار أمريكي سنويًا في تكاليف الديزل، بينما تجنب انبعاث 2,735 طنًا من غاز ثاني أكسيد الكربون. يُعادل هذا الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الأثر البيئي لزراعة حوالي 125,000 شجرة سنويًا.

صورة توضح جمال الطبيعة والجبال في لحج.
من خلال التركيز على البنية التحتية المستدامة، والطاقة المتجددة، وإدارة المياه، والابتكار الزراعي، لا تعمل السلطات المحلية على معالجة القضايا البيئية الفورية فحسب، بل تسهم أيضًا في تعزيز القدرة على التكيف على المدى الطويل في مواجهة تغير المناخ. إن دمج الطاقة الشمسية، والتشجير، والحفاظ على المياه، والممارسات الزراعية المستدامة يعكس نهجًا شاملاً للاستدامة البيئية، مما يعود بالفائدة على المجتمعات المحلية والبيئة العالمية على حد سواء.
تم تحقيق ذلك بفضل الاتحاد الأوروبي.