العودة إلى الوطن وإعادة بناء الحياة والأمل

اقرأ كيف قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بإعادة بناء آلاف المنازل التي دمرتها داعش

13 أكتوبر 2022
UNDP In Iraq

فريق من مهندسي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق أثناء العمل في الموصل

حقوق الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

فريق من المهندسين التابعين لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي يعملون في مدينة الموصل القديمة. الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق.

لقد أجبرت معارك تحرير العراق من سيطرة داعش أكثر من 6 ملايين شخص على الفرار تاركين منازلهم وحياتهم خلفهم، لقد عانى الكثير من الدمار والهجرة على نطاق واسع بسبب سنوات من عدم الاستقرار.

منذ التحرير، يتقدم العراق بثبات نحو إعادة البناء والاستقرار، حيث يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بشكل وثيق مع الحكومة العراقية، والمجتمع الدولي، لإعادة بناء الطرق وإعادة فتح الأسواق وإعادة تشغيل الخدمات الحيوية كالمياه، والكهرباء، وإعادة بناء المساكن، والمراكز الصحية،و المدارس تزامناً مع عودة أكثر من 4.9 مليون نازح عراقي إلى ديارهم بأمان وكرامة، وهناك امل بزيادة الأعداد مستقبلاً.

وليد يقف مبتسماً بعد أن أعيد تأهيل منزله. الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق.

على سبيل المثال، يعيش وليد يعقوب عباس البالغ من العمر 44 عاماً، في المقدادية في محافظة ديالى، مع زوجته وطفليه، حيث يحدثنا قائلاً: "لسنوات،عانيت أنا وعائلتي كثيراً، هربنا بحياتنا لحماية أنفسنا من داعش"، لقد فروا بحثاً عن الأمان إلى ناحية كولجو في ديالى، يتذكر قائلاً: "بعد التحرير، عدنا إلى ديارنا فوجدنا الدمار المطلق، لقد حولت داعش منزل أجدادنا إلى ركام، لقد كنت حزيناً".

في هذه المرحلة، انتقل وليد مع عائلته إلى منزل مستأجر لكي يجد طريقة لإعادة تأهيل منزله، "أجبرتنا الحرب على استخدام مدخراتنا، وفوق كل هذا، لم أتمكن من العثور على وظيفة أو عمل منذ عودتي"، تخرج وليد من جامعة الموصل واضطر الى الاعتماد على مدخرات الأسرة، والقروض لتغطية نفقات أسرته وذلك لعدم وجود عمل أو وظيفة له.

اليوم، وبعد ان أعاد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بناء منزله، أصبح وليد سعيداً بعودته للمنزل، مما سمح أيضاً بعودة أسرته بأمان، "العودة إلى المنزل تحدث فرقاً كبيراً بالنسبة لي وعائلتي، أتمنى الحصول على وظيفة، والتخلص من القروض، والعودة إلى الحياة كما كنا نعرفها."

عامر وهو يقف خارج منزله. الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق.

على مقربة من منزل وليد، يعيش عامر حمودي، البالغ من العمر 45 عاماً مع عائلة شقيقه الأكبر، لقد واجهوا نصيبهم من الصعوبات، حيث يقول: "كل الأشخاص الذين تركوا منازلهم ورائهم فقدوا حياتهم كلها بين عشيةً وضحاها، غادرنا دون أن نملك أي شيء"، لقد بقوا في منزلهم أثناء التحرير حتى وصل القصف إلى نقطة يخشون فيها التعرض للهجوم، وأضاف "ذات ليلة قررنا ترك كل شيء وراءنا والانتقال الى منطقة قرة تبة في ديالى".

بعد أن نزح عامر بأمان، عاد إلى منزله قبل عامين ليجد المنزل في حالة دمار، "أصدقائي وعائلتي وكل من قابلتهم في أي وقت مضى إما فقدوا أحد أفراد أسرتهم أو مصدر رزقهم أو منازلهم. لقد دفع الدمار منطقتنا بالعودة إلى الوراء لسنوات، لم يكن لدينا إمكانية الحصول على المياه النظيفة والكهرباء، وخدمات الرعاية الصحية، وفوق ذلك، أحرقت داعش مزارعنا وقتل ماشيتنا، كل ذلك أثر على مصدر رزقنا الرئيسي ".

 

مدخل منزل عامر. الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق.

عند دخول منزل عامر اليوم، سيخبركم بقصة مختلفة، حيث سيتم الترحيب بكم في حديقة خضراء، ومنزل أعيد تأهيله حديثاً، حيث يستطرد عامر قائلاً: "الآن، أقوم بتوفير المال لاستبدال جميع الأثاث، لم يكن من الممكن إعادة بناء المنزل على نفقتي، ولو فعلت ذلك لما تمكنت من استعادته لسنوات عديدة حيث لم يعد لدي أي مدخرات أخرى."  اليوم، يوَجه عامر كل موارده المالية نحو استعادة أراضيه الزراعية التي كانت مزدهرة ذات يوم، حيث يقول وهو ينظر إلى حديقته "آمل أن نتمكن من التغلب على هذه السنوات من الصدمة والخسارة".

سليمة وابنها عند مدخل منزلهم. الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق.

في الشارع المجاور لمنزل عامر، عادت سليمة عوض، 50 عاماً، بعد التحرير رغم الأضرار التي لحقت بمنزلها، تعيش مع أختها التي فقدت زوجها أيضاً خلال الحرب، حيث أن سليمة أم لابن وبنتين، وهي المعيل الأساسي للأسرة. "أثناء النزوح بدأت العمل كخياطة، كنت أرغب في العودة إلى المنزل والبدء في أعمال الخياطة، كنت أعرف أن هذه هي الطريقة الوحيدة لتعويض الخسائر وتوفير الأموال الكافية لإعادة تأهيل منزلنا".

تدير سليمة محل خياطة خارج منزلها. الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق.

بدأت سليمة في إصلاح منزلها بينما كانت تدير في نفس الوقت محلها للخياطة، حيث تحدثنا: "أنا فخور برؤية ما وصلنا إليه  ، تتعلم بناتي اليوم الوقوف على أقدامهن من خلال رؤيتي وانا أعمل بجد".

مهندسوا برنامج اعادة الاستقرار التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهم يعملون في الموصل. الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

في الوقت نفسه، وفي مدينة الموصل التاريخية، استطاع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إعادة تأهيل أكثر من 12000 منزلاً، ويشمل ذلك منزل سامية إبراهيم البالغة من العمر 55 عاماً في البلدة القديمة، لسوء الحظ، فقدت سامية زوجها أثناء الصراع، وتقول: "بينما كنا نفرّ من الموصل سيراً على الأقدام، أصيب زوجي بأثر غارة جوية، وبعد أيام قليلة من إصابته، توفي".

سامية سعيدة بالعودة إلى المنزل. الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق.

لقد فرت سامية وعائلتها من منزلهم في المدينة القديمة، بمجرد بدء القتال لتحرير الموصل ، وقضوا أكثر من عام في التنقل بين المنازل المستأجرة، تقول سامية: "يبلغ عمر المنزل التاريخي حوالي 100 عام وقد توارثته أربعة أجيال، عندما عدنا وجدنا الدمار، شعرنا أننا لم نفقد زوجي فحسب، بل لقد فقدنا أيضاً جزءاً كبيراً من تاريخ عائلتنا"، تعيش اليوم سامية في منزل مزدحم مع بناتها الثمانية وأبنائها الثلاثة وأزواجهم وأطفالهم، أعيد بناء منزلها المكون من طابقين و سبع غرف، مما سمح لها بالعودة إلى حي الأحمدية في البلدة القديمة.

بينما تشير قصصهم إلى عودة الاستقرار بشكل نظامي، تظل الاحتياجات قائمة، مع وجود 1.1 مليون شخص لا يزالوا  نازحين، فالعديد من القرى لم تشهد عودة هؤلاء النازحين بعد، ويواجه أولئك الذين عادوا تحديات بسبب محدودية فرص كسب العيش والتوترات الاجتماعية والسياسية والأمنية العالية. .

سامية مع ابنها عند مدخل منزلهم. الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق.

من خلال دعم الشعب العراقي للتقدم بشكل أفضل، يستمر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العمل وتقديم المساعدة، حيث تم إعادة تأهيل حوالي 35200 منزلاً حتى الآن، مما أثر على حياة الملايين.

كما تقول سامية: "العراقيون أناس صامدون، لقد تمكنا من العودة إلى ديارنا وإعادة بناء حياتنا، ويمكنك رؤيتها من حولك، بدأت الحياة تعود تدريجياً، أن رؤيتي لأحفادي وهم يركضون حول المنزل يمنحني الأمل في أن المستقبل القادم هو الافضل."

حول البرنامج:

تم تنفيذ هذه المشروعات من قبل برنامج إعادة الاستقرار التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وتمت إعادة تأهيل منزل سامية، وسليمة، وعامر، ووليد بفضل تمويل من الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية (BMZ)، والمقدم من خلال بنك التنمية.