مليون كيس ورقي

حلول بيئية من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في شمال العراق

6 مارس 2022

أكياس ورقية لأفران الخبز

مبادرة من منظمة ايكو-فايتال بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق وبتمويل من الاتحاد الأوروبي

 

البلاستيك باق.

يواجه العراق مشكلة جدية حالياً في الاستهلاك الكبير للبلاستيك، كما هو الحال في كل دول العالم، الجهاز الذي تقرأ منه هذا المقال الأن مصنوع بمعظمه من البلاستيك، وكذلك هي الملابس التي ترتديها الناس اليوم يدخل البلاستيك في معظم المواد المصنوعة منها، باختصار: البلاستيك لن يذهب الى أي مكان، حرفياً ومجازياً.

 تنتج مدينة أربيل حوالي ٢٠ ألف طن من النفايات الصلبة يومياً، لتدفن في مكبات أو تحرق في الهواء الطلق. معظمها تأتي من البلاستيك المستخدم في التغليف، الأكياس وعبوات المياه بشكل رئيسي.  

تقول الدراسات إن جزيئات البلاستيك الدقيقة لا تلوث البيئة فحسب، بل تستطيع اختراق جسم الانسان أيضاً، خاصةَ عندما يتعرض البلاستيك للحرارة، مما قد يؤدي الى مشاكل صحية. 

مع عدم وجود أي عمليات تدوير حقيقية، ولا إجراءات جدية للحد من إنتاج البلاستيك، تسعى المنظمات الإنسانية لمعالجة المشكلة من جذورها عن طريق تقديم أوراق مشاريع لمنع صناعة واستيراد البلاستيك، وخلق حلول بديلة للعامّة.  

 

 

الكل يحب الخبز. الخبز يحب الورق.

ان الشيء الوحيد المشترك بين كل المائدات العراقية هو الخبز. الخبز هو جزء أساسي من حياة كل العراقيين. تصطف الناس بطوابير على شبابيك الفرن كل صباح للحصول على الصمون الشهي. ويشاهدونه يخرج طازج من النار، ليوضع مباشرةَ بكيس بلاستيكي قبل أن يأخذوه، حيث حرارته تؤدي الى تحلل جزيئات دقيقة من البلاستيك على الخبز نفسه.

لتغليف الخبز او الصمون بأكياس ورقية تأثير إيجابي مزدوج، فهو يحمي الخبز من جزيئات البلاستيك المسخن، كما يتحلل الورق عضوياً بالتربة ليترك كوكباً أكثر أمناً لنا ولأطفالنا.

 

بالإضافة إلى أن الخبز طعمه أطيب عندما يُلف بالورق!

 

٥٠٠ فرن

٢٠٠٠ كيس ورقي مجاناً لكل فرنب٤ أحجام مختلفة

لنكسر العادة

نظراً لشعبية الخبز في المنطقة وتشابه الطريقة التي يخزن بها عادةً في جميع مناطق العراق، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبدعم من الاتحاد الأوروبي وافق على مشروع منظمة ايكو-فايتال لتوزيع الأكياس الورقية على أفران الخبز بأربيل، كمحاولة لتعريف أصحاب الأفران والمستهلكين على حد سواء بهذا الخيار البديل، على أمل أن يبدأ ذلك موجة من الوعي الاجتماعي باستخدام الوسائل المناسبة.

 

ما رأي الخباز؟

 

تواصلت منظمة ايكو-فايتال وشركائهم بشركة تصنيع الأكياس الورقية مع كل أفران الخبز بأربيل تقريباً، لمعرفة أسباب اختيار الأكياس البلاستيكية في حين أن أهل المنطقة تاريخياً لطالما وضعوا خبزهم في أكياس قماشية وورقية. كان من الواضح أن السبب الرئيسي -إن لم يكن الوحيد- هو سعر البلاستيك المنخفض، وهو نفس السبب الذي أدى إلى انتشار البلاستيك عالمياً في العقود الأخيرة أساساً. معظم أصحاب الأفران لم تكن لديهم أدنى فكرة عن الأخطار البيئية والصحية لاستخدام البلاستيك، وأظهروا حماسهم لاستلام حصتهم من الأكياس قريباً.

 

 

 

توزيع الأكياس

في الأسابيع التالية، أخذ متطوعون بتوزيع الأكياس على الأفران. كانت حصة كل فرن ٢٠٠٠ كيس ب٤ أحجام مختلفة مجاناً. خلال فترة أسبوعين، استلم ٥٠٠  فرن أكياسهم واكتملت عملية توزيع المليون كيس.

 

قام متطوعون وممثلون عن منظمة المجتمع المحلي ايكو-فايتال بالاستفادة من عملية التوزيع للتحدث مع أصحاب الأفران والعاملين بهم عن فوائد الانتقال من البلاستيك للورق والجوانب السلبية للبلاستيك، حتى يقوم أصحاب الأفران بدورهم بنقل هذه المعلومات لزبائنهم عند سؤالهم عن هذا التغيير المفاجئ في نوعية الأكياس، لتنتشر المعلومة.

 

 

الوعي الاجتماعي

الى جانب توزيع الأكياس، تم بث رسائل توعوية عبر الراديو في أربيل، لتسليط الضوء على أضرار تغليف الخبز بالبلاستيك، وإخبار الناس أن باستطاعتهم الآن طلب كيس ورقي من فرنهم المعتاد. الخطوة جذبت الاهتمام وحصلت على تغطية إعلامية، وتنبه لها المجتمع.

التحدي الحقيقي هو منافسة أسعار أكياس البلاستيك، وهذا التحدي ما زال موجوداً، لكن شركات تصنيع الورق بأربيل تعمل على تخفيض أسعار التغليف الورقي لمستوى منافس للبلاستيك. 

مع ذلك، يبقى وعي الناس هو العامل الأساسي. اذا أراد عدد كاف من الناس التحول للورق والتوقف عن استخدام البلاستيك، لن يكون لأصحاب الأفران خياراً الا تلبية مطالب الناس، وهنا يجب التركيز على هذا الجانب.

هذه مجرد البداية فقط.. 

ما زال الطريق طويلاً أمام عراق خالٍ من البلاستيك 

لكن المحادثة يجب أن تبدأ من مكانٍ ما،

فلما لا نبدأها عند الفرّان في الصباح الباكر؟

.