الطريق الى المستقبل: زخم مستدام نحو المساواة والسلام

21 أغسطس 2025

سندس عباس
مسؤولة تمكين المرأة وبرامج السلام
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

على مدى العقود الأربعة الماضية، عانت أجيال من النساء العراقيات من فتراتٍ صعبةٍ ومرهقة، اتسمت بتحولاتٍ متواصلةٍ خلال الحرب والأزمات والتعافي بعد الحرب. قضين معظم حياتهن إما في خضم الصراع، أو تحت تهديده، أو في صراعٍ مع عواقبه المدمرة. تحمل ذكريات النساء ألم فقدان الأزواج والإخوة والأبناء، إلى جانب لحظاتٍ عابرةٍ من الفرح. ولا تزال صدمة ما حدث في سنجار حاضرةً في ذاكرة الجميع.

Sundus Abbas

اعتباراً من عام ٢٠٢٤، تُعيل النساء ما يقرب من ١١٪ من الأسر العراقية، ويكافح الكثير منهن تحديات الحياة اليومية. على الرغم من ذلك، أحرزت المرأة تقدماً ملحوظاً في المشاركة السياسية. تشغل النساء الآن ٢٩٪ من المقاعد البرلمانية، ويعمل ما يقرب من ١٢٠٠٠ امرأة في قطاع الأمن. العراق أيضاَ من بين الدول القليلة التي وضعت خطة عمل وطنية ثالثة لقرار مجلس الأمن رقم 1325. ومع ذلك، لا يزال معدل مشاركة المرأة في بناء السلام محدوداً.

كثيراً ما أسأل نفسي، لماذا هذا هو الحال؟ هل النساء العراقيات غير قادرات أو غير مؤهلات للقيام بدور فعال؟ أم أن النظام نفسه مصمم لاستبعادهن؟ هل يمكن أن يكون ذلك بسبب عدم الاهتمام، أو شيء أعمق من ذلك؟ كل من هذه الأسئلة يؤدي إلى سلسلة من الأسئلة الفرعية التي أواصل استكشافها.

يرتبط السعي لتحقيق سلام دائم في العراق ارتباطاً وثيقاً بتمكين المرأة ومشاركتها الكاملة في بناء السلام، ليس فقط لأن النساء يعارضن الحرب، ولكن لأن السنوات الأربعين الماضية قد زودتهن بمرونة عميقة وفهم فريد للسلام. منذ عام 2014، أظهرت النساء العراقيات إيماناً متجدداً بقدرتهن على القيادة وحماية أسرهن والمساهمة بشكل هادف في المجتمع.

لقد أحرز مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق تقدماً كبيراً في تعزيز دور المرأة في بناء السلام والأمن المستدامين. مسترشداً بمبادئ الشمولية والمساواة، يُركز نهج برنامج الأمم المتحدة الإنمائي متعدد الجوانب على الأدوار الحاسمة التي تلعبها النساء كوسيطات سلام مجتمعيات، وبناة سلام شابات، ومناصرات للعدالة. بدءاً من تطوير مؤسسات أمنية شاملة وصولاً إلى تعزيز أجندة المرأة والسلام والأمن، يواصل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إعادة صياغة الخطاب المتعلق بمساهمات المرأة في السلام والاستقرار.

يتطلب المضي قدماً تعاوناً مستداماً مع المؤسسات الحكومية والشركاء الدوليين والمجتمع المدني. ستضمن هذه الجهود المشتركة ليس فقط سماع أصوات النساء، بل أيضاً دورها المحوري في عمليات صنع القرار التي تُشكل مستقبل العراق. يُؤكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إيمانه بأنه لا يمكن تحقيق السلام المستدام إلا بتمكين المرأة من القيادة والتوسط وبناء مجتمع مرن وعادل.

رحلة من التعاون والتمكين

 

تأسيس وسيطات لحل النزاعات

إدراكاً لقوة الحوار والوساطة، أعطى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق الأولوية لتأسيس شبكة وسيطات في جميع أنحاء البلاد. بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة والدائرة الوطنية للمرأة العراقية، تهدف هذه المبادرة إلى بناء شبكة وطنية من الوسيطات الماهرات القادرات على التعامل مع النزاعات المعقدة على المستويين المجتمعي والوطني.

تتبع هذه المبادرة الرائدة، بقيادة وطنية، نهجاً تدريجياً لضمان بناء القدرات بشكل شامل. شاركت في الجلسات الأولية عبر الإنترنت 150 امرأة من مناطق متنوعة، مما يضمن الشمولية. حددت عملية اختيار تنافسية 75 مشاركة لتدريب متقدم، توج بتدريبين متخصصين في الوساطة لـ 24 امرأة متميزة بالتعاون مع معهد كلينجنديل للوساطة في ديسمبر 2024 وابريل 2025.

تم تزويد هؤلاء النساء بالفهم النظري والأدوات العملية لحل النزاعات بفعالية. وهن الآن مستعدات للقيام بأدوار فاعلة داخل مجتمعاتهن، والدفاع عن التماسك المجتمعي وتقوية النسيج الاجتماعي. سيتم إطلاق المبادرة رسمياً في اليوم العالمي للمرأة 2025، مما يمثل علامة فارقة في رحلة العراق نحو السلام الشامل.

وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، نفذت هؤلاء الوسيطات خطط عمل لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع وتعزيز السلام المستدام. وستبقى مساهماتهن أساسية في تعزيز الحوار، ودعم المصالحة، ومعالجة النزاعات من منظور يركز على المرأة.

تشكيل فرق السلام النسائية

سندس عباس، مسؤولة تمكين المرأة وبرامج السلام، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

بالتوازي مع ذلك، يقود برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق تشكيل فرق السلام النسائية، وهي منصة لتعزيز أصوات النساء في عمليات السلام المحلية والوطنية. تهدف هذه الفرق إلى إضفاء الطابع المؤسسي لأدوار المرأة في الحوار، ومنع النزاعات، والتعافي بعد انتهاء النزاع.

من خلال دمج الاستراتيجيات الشاملة في أطر بناء السلام، تضمن فرق السلام النسائية أن تكون الحلول المقترحة فعالة ومستدامة وتمثل جميع شرائح المجتمع.

إذن، لماذا تُعدّ أصوات النساء مهمة في بناء السلام؟ لأن المرأة تُقدّم منظوراً فريداً، غالباً ما يرتكز على المصالحة والتماسك المجتمعي والتعافي طويل الأمد. تُدرك هذه المبادرة هذه الإمكانات وتُسخّرها، مما يجعل جهود بناء السلام في العراق أكثر شمولية واستدامة.

 

دعم المرأة وأجندة المرأة والسلام والأمن في مؤسسات قطاع الأمن

يمتد التزام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق بالمساواة ليشمل قطاع الأمن، وهو مجال حيوي للنهوض بأجندة المرأة والسلام والأمن. من خلال بناء القدرات، والدعوة إلى السياسات، ووضع بروتوكولات شاملة، يدعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي زيادة تمثيل المرأة وقيادتها في المؤسسات الأمنية.