دويرة: حلمٌ أخضر يزهر من بين النفايات
26 مايو 2025

لم تتوقع مروة التي تبلغ من العمر 35 عاماً أن تكون نواةً لمشروع يُسهم في إعادة تدوير النفايات في العراق. دائماً ما تساءلت مروة عن سبب عدم استغلال النفايات كمصدر للدخل، خاصة مع تزايد أكوامها في شوارع ديالى، مما ولد في عقل هذه المهندسة الشابة فكرة ستغير وجه مدينتها وتجعلها رمزاً للابتكار البيئي.
اكتشفت مروة أن الديدان يمكنها تحويل النفايات إلى سماد عضوي ثمين، فاختارت اسم "دويرة" للمشروع، نسبةً إلى عملية تدوير النفايات وتحويلها إلى سماد يُستخدم في الزراعة، بدأت رحلتها، التي لم تكن سهلة، لكن عزيمتها وإصرارها، بدعم من أسرتها، مكنها من تحقيق حلمها.


.

عندما أعلنت مروة عن مشروعها، قابلها المجتمع بالسخرية والتشكيك، خاصة حين صرحت عن فكرتها، حيث اعتبرها البعض مستحيلة. استقبلت مروة تلك التعليقات بحزن، لكنها لم تستسلم، بل زادت من عزيمتها لإثبات جدوى مشروعها، حتى عائلتها لم تكن متحمسة في البداية، لأن الفكرة كانت جديدة وغريبة عن العراق، لكنها لم تيأس، وأرادت أن تغير الصورة التي حاول الآخرون فرضها عليها.
في صباح يوم مشرق، افتتحت مروة حاضنة الديدان، ووجدت أول كمية من السماد العضوي قد اكتمل، لقد انهمرت دموع الفرح على خديها وهي تعصر حفنة من هذا الذهب الأسود بين أصابعها، توضح مروة قائلة: " الأسمدة العضوية منتجات طبيعية وآمنة، وتُعتبر خياراً مستداماً في الزراعة، فهي تحسن خصوبة التربة وتزيد من نسبة العناصر الغذائية، كما تقلل من الحموضة وتحسن بنية التربة مما يساعد في عملية امتصاص الماء."
وتتحدث عن فكرة مشروعها، التي تتمحور حول:
- فرز النفايات بدقة في حاويات مخصصة ومنفصلة.
- وضعها في حاضنات خاصة تحتوي على نوع معين من الديدان، وتعمل في بيئة رطبة ومناسبة.
- كل 1 كيلو ديدان ينتج ربع كيلو سماد عضوي يومياً.
- فصل السماد للاستفادة منه في الزراعة، مع إعادة تدوير الديدان للعمل مجدداً.
وتؤكد مروة: "استخدام السماد العضوي هو خطوة مهمة نحو عالم أكثر خضرة، وهو بديل ممتاز للأسمدة الكيميائية التي تضر التربة".
رغم التحديات المالية والمجتمعية الا ان اصرارها كان هو الاساس للبدء بالمشروع مما ساعدها لاحقاً على نموه وتطوره.

الدعم والمستقبل
بدعم من برنامج بناء القدرة على الصمود من خلال تعزيز العمل التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالشراكة مع مؤسسة الإغاثة الإنسانية وبدعم سخي من الحكومة الألمانية عبر بنك التنمية الألماني استطاعت مروة توسيع مشروعها، وبدأت في توفير السماد للمزارعين في ديالى، مما ساعد على تحسين خصوبة الأراضي وتحقيق فوائد اقتصادية وبيئية كبيرة، ومع وجود خطط لتوسيع مشروع "دويرة" إلى مناطق جديدة، وتطوير منتجات أخرى من السماد العضوي، فإن مستقبل مروة يبدو واعداً جداً.
اليوم، يحقق مشروعها أرباحاً جيدة، بالإضافة إلى حب وتقدير المجتمع، الذي يراها عنصراً فاعلاً ومفيداً في تطوير بيئته ومجتمعه.
قصتها ليست مجرد نجاح فردي، بل جزء من مشروع أوسع يقوده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لإعادة إعمار العراق، من خلال خلق بيئة أكثر اخضراراَ واستقراراً.
قصة مروه تثبت أن الإرادة القوية يمكنها تحويل أصعب المشاكل إلى أجمل الحلول، وأن المستقبل الأخضر يبدأ بفكرة شجاعة.