إعادة بناء الأحلام: كيف أصبح الحرم الجامعي الجديد حافزاً لتعليم المرأة في الأنبار

11 مايو 2025
الصورة: حمزة أحمد \ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

قبل وقت ليس ببعيد، كانت أقسام اللغة الإنجليزية والتاريخ في كلية التربية للبنات في جامعة الأنبار شواهد صامتة على عقود من الإهمال من جدران متهالكة، فصول مكتظة بأعداد متزايدة من الطالبات في مساحات صغيرة، ورفوف مكتبية تغطيها طبقات من الغبار، كان هذا الواقع المؤلم الذي واجهته الاء عبد الله مفرح، 25 عاماً، في سعيها للحصول على التعليم في عراق ما بعد الصراع.

الصورة: حمزة أحمد \ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

تقول آلاء وهي تلمس برفق سطح مكتبها الجديد في قاعة قسم اللغة الإنجليزية " الآن، حين يتسلل ضوء الشمس عبر النوافذ أثناء مناقشاتنا لشعر شكسبير، لأول مرة أشعر أن الجامعة تؤمن بمستقبلنا أيضاً".

الصورة: حمزة أحمد \ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

كما يؤكد الدكتور عمار عبد الوهاب، رئيس قسم اللغة الإنجليزية: " اليوم أصبحت جامعة الانبار ضمن التصنيفات العالمية وأنا على يقين من أن الجامعة تسير بخطى ثابتة نحو مستقبل أكثر اشراقاً وتألقاً".

الصورة: حمزة أحمد \ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

لم تعد الجدران تعيق الاحلام 

يُعد مشروع إعادة تأهيل وتوسعة القاعات الدراسية، الذي اكتمل تنفيذه أواخر عام 2024 بتمويل من الحكومة السويدية عبر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، نقلة نوعية غيرت واقع الكلية لتصبح مركزاً حيوياً للمنطقة. لم يقتصر التغيير على الجدران والأثاث فحسب، بل شمل:

  • زيادة الطاقة الاستيعابية بنسبة غير مسبوقة.
  • تحسناً ملحوظاً في معدلات النجاح.
  • إثراء الحياة الأكاديمية عبر حوارات فكرية بين الأقسام ومجالس أدبية مبتكرة بين الطالبات.

تحدثنا الطالبه ايناس محمد إبراهيم، 24 عاماً، طالبة في قسم التاريخ، أن التغيير الجذري الذي شهده القسم: " في الفصل الماضي، كنا نتبادل الجلوس على أطراف القاعة أثناء المحاضرات. أما اليوم، فقد أصبحنا نتمتع بمساحات اوسع للجلوس والدراسة وكذلك للحوارات التاريخية والأدبية".

الصورة: حمزة أحمد \ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

يتذكر الأستاذ إسماعيل مجبل حمد، 50 عاماً، الاستاذ في قسم التاريخ قائلاً : "كنا نواجه سابقاً مشكلة تضارب الجداول الدراسية للطالبات مما يجبرنا احياناً الى الغاء بعض المحاضرات، اما اليوم فقد بدأت الكلية تطبيق نماذج تعليمية متطورة كنت اطلع عليها فقط في المجلات الدولية، كما وأصبحت المرافق اكثر توافقاً مع التجهيزات الحديثة، مما يفتح افاقاً أوسع".

أما الطالبة آلاء كامل، 21 عاماً فتقول: "يتيح لي مختبر اللغه الجديد تحليل النصوص بدقه ووضوح اكثر، اسعى اليوم لاكمال دراستي وكذلك التقديم لدراسة الماجستير في الكلية نفسها".

الصورة: حمزة أحمد \ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

الأثر الدائم

شهدت كلية التربية للبنات في جامعة الأنبار تحولاً جذرياً بعد إعادة تأهيل وتوسيع قسمي التاريخ واللغة الإنجليزية، حيث انتقلت من مبانٍ متدهورة إلى صرح تعليمي وأصبح يستقبل 250 -300 طالبة سنوياً في كلا القسمين من مختلف أنحاء الأنبار والمحافظات المجاورة وبغداد، لم يقتصر التغيير على توسعة القاعات الدراسية وتجهيزها بأحدث التقنيات، بما في ذلك مختبر الحاسوب المتطور والعيادة الطبية، بل تجاوزه ليشهد حياة أكاديمية وثقافية نابضة والحوارات الفكرية التي تملأ الساحات والقاعات الجديدة.

أصبحت الكلية اليوم منصة لإطلاق الطموحات، حيث تعتزم غالبية الطالبات إكمال دراساتهن العليا والانضمام إلى هيئة التدريس، مما يعكس ثقة جديدة بقدرتهن على المنافسة عالمياً. 

يقول أحد الأساتذة في الكلية: "هذا التحول ليس مجرد ترميم لجدران، بل إعادة بناء جيل كامل".

مع زيادة الطاقة الاستيعابية للطالبات وكذلك زيادة المساحة التعليمية، أصبح الحرم الجامعي شاهداً على كيف يمكن للاستثمار في التعليم أن يطلق العنان لإمكانات المجتمع، حيث تتحول خطوات الطالبات الواثقة بين الممرات الجديدة إلى رمز لتحدي الصور النمطية وبناء مستقبل أكثر إشراقاً للعراق.