تحويل الصحراء إلى واحة

في يوم التصحر العالمي، تعرفوا على كيفية تحويل سكان حديثة لصحرائهم إلى واحة

21 يونيو 2021

 

تقع على بعد حوالي 240 كيلومتراً شمال غربي بغداد، وهي مدينة جذابة ذات إطلالات بانورامية على الصحراء، وعلى جانبي نهر الفرات. مع أكثر من 46000 نسمة، حديثة هي واحدة من سبع مدن رئيسية في محافظة الأنبار. 

خلال الحرب ضد تنظيم داعش، الذي استولى على ست من تلك المدن باستثناء حديثة وعدد قليل من القرى المجاورة، اضطر المزارعون إلى الفرار من منازلهم والتخلي عن أراضيهم المزروعة.

 

يقول مبروك حميد مهدي، قائممقام قضاء حديثة: "اعتدنا على زراعة أشجار الزيتون وأنواع مختلفة من الخضراوات. لكن الناس أجبروا على ترك كل هذا وراءهم". "عندما عاد الناس إلى ديارهم، قوبلوا بالدمار المطلق. و وجدوا معظم أراضيهم محترقة، ونتيجة لذلك فقدوا مصدر رزقهم الرئيسي". إلى جانب تأثير تغير المناخ، أصبحت الأرض في حديثة الآن معرضة بشدة للتصحر.

 

بعد أربع سنوات من التحرر من داعش، فإن سكان حديثة مصممون أكثر من أي وقت مضى على إحياء أرضهم التي كانت مزدهرة في يوم من الأيام. لهذا السبب، أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، من خلال مشروع تمويل الاستقرار بالشراكة مع وزارة الزراعة في الأنبار، مشروعاً لتوظيف 100 من سكان حديثة لمدة ثلاثة أشهر لدعم غرس وزراعة الواحات. من خلال المشروع، تم توفير الشتلات لدعم زراعة أكثر من 2500 دونم من الصحراء في حديثة.

تقول زهرة غزال، 47 سنة، والتي عملت في المشروع: "لاننا عشنا دائماً على طول نهر الفرات، فاننا مزارعون والزراعة هي سبيل عيشنا" هربت مع زوجها وطفليها إلى مصر عندما اندلع القتال في عام 2014. عمل كلاهما بإجور يومي في البناء والتدبير المنزلي لتغطية نفقاتهم وتمويل تعليم أطفالهم

تشرح زهرة قائلة: "عدنا إلى الوطن لنعود إلى ما نحب القيام به، وهو الزراعة والحصاد". بعد نزوحهم لأكثر من خمس سنوات، تمكنوا أخيراً من العودة إلى ديارهم، لكن مثل الكثيرين، قوبلوا بمشاهد الدمار والخراب. وتضيف: "من خلال أرباحي من هذه الفرصة، تمكنت من توفير المال لإعادة بناء منزلي وإنشاء مساحة خضراء صغيرة خلف منزلنا وشراء الشتلات لزراعتها"

 

أكثر من 23 في المائة من العاملين في إطار المشروع كانوا من النساء. بينما كانت زهرة على دراية جيدة بالزراعة، كانت هذه هي المرة الأولى التي تعمل فيها صديقة طفولتها وأم لستة أطفال، بشائر مظفر، 45 عاماً. تقول بشائر: "لقد تعلمت كيفية العمل بالبذور والأسمدة والشتلات. كان يُنظر دائماً إلى الزراعة على أنها مساحة يهيمن عليها الذكور. ولكن هذه الفرصة فتحت عيني على إمكانية قيام النساء بذلك أيضاً. تلقينا تعليمات وإرشادات واضحة من الخبراء في وزارة الزراعة وكانت مفيدة حقاً.

 

بالنسبة لكتا السيدات الرائدات، يعتبر هذا المشروع بمثابة نقطة انطلاق لتأمين فرص عمل أكثر استدامة. على سبيل المثال، تحرص بشائر على ترجمة مهاراتها الجديدة إلى بدء مشتل صغير ونقل الشتلات إلى مزارع أكبر في المنطقة. وتضيف: "لقد استخدمت أرباحي لشراء البذور وتجربتها في المنزل. ونتيجة لذلك، لدي الآن 50 شتلة أزرعها وأبيعها في السوق.

من منطلق شغفه بالزراعة، سامي، يفخر بكيفية إظهار سكان حديثة المرونة والتصميم في إعادة الصحراء إلى الحياة. ويضيف: "يعمل الناس الآن معاً على تحسين سبل عيش بعضهم البعض مع إعادة إحياء أرضنا إلى ما كانت عليه قبل الحرب.

 

بالإضافة إلى ذلك، دعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي نظام الري المحلي من خلال إنشاء وصلة مياه تمتد لمسافة خمسة كيلومترات من النهر إلى الواحة، إلى جانب مضخات المياه وتكنولوجيا الري بالتنقيط. يقول سامي: "إن وصول المياه لنا من قوة نهر الفرات هو أكبر قوة لمجتمعنا. لولاه، لما تمكنا من الوصول إلى هذا الحد". "تم تدمير أنابيب المياه خلال الحرب، لذا فإن إعادة الإمداد كانت خطوة أساسية للوقوف على أقدامنا من جديد.

قبل داعش، كانت الصحراء بأكملها تحتوي فقط على 50000 شجرة زيتون يديرها 60 عاملاً يومياً. اليوم، تحولت الصحراء إلى واحة حيث تزرع أكثر من 250000 شتلة كل 20 دونم. يريد سامي استخدام هذا كمثال لتشجيع المزيد من الزراعة في جميع أنحاء البلاد. "لقد بدأنا بالفعل حصاد الخيار. بحلول سبتمبر من هذا العام، ستزدهر حديثة بالزيتون والتمر والفستق" قال سامي بحماس. تعمل وزارة الزراعة على توظيف 30 موظفاً دائماً للحفاظ على الواحة وتنميتها وضمان استمرارها.

في المستقبل، يخطط سامي لتثقيف سكان حديثة حول ممارسات الزراعة المستدامة بهدف تنمية المهارات وتشجيع فرص كسب العيش من خلال الزراعة. "نحن نسير على الطريق الصحيح لإكمال ما وصلنا اليه، طالما وضعنا خلافاتنا جانباً وعملنا كمجتمع واحد نحو رؤيتنا المشتركة.