منع التطرف العنيف في العراق

7 طرق يعمل بها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق مع الحكومة والمجتمعات المحلية

12 فبراير 2024

في الـ 12 من شباط/فبراير نحتفل باليوم العالمي الثاني لمنع التطرف العنيف المفضي للإرهاب، وذلك بعد اعتباره يومياً عالمياً في كانون الاول/ديسمبر 2022.

يسلط هذا المقال اليوم الضوء على التهديدات المرتبطة بالتطرف العنيف - الذي يعتبره الأمين العام للأمم المتحدة مقوضاً للسلام والأمن وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة.

لا يزال منع التطرف العنيف مهماً للغاية بالنسبة للعراق منذ التغلب على تنظيم داعش في عام 2014، للدرجة التي جعلت من حكومته في طليعة الداعمين لاعتبار هذا اليوم يوماً عالمياً من قبل الأمم المتحدة. وقد أظهرت حكومة العراق دوراً قيادياً من اجل ضمان بذل كل جهد ممكن لمنع التطرف العنيف داخل حدودها.

يتعاون برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق مع رئاسة مكتب مستشار الأمن الوطني لوضع تدابير وقائية لمواجهة التطرف العنيف.

يتم دعم جهودنا المشتركة من خلال ركيزة التماسك المجتمعي، حيث نعمل مع الحكومة والكيانات المحلية لتعزيز إعادة دمج العائدين من شمال شرق سوريا والنازحين داخلياً، وتعزيز التماسك المجتمعي ومنع التطرف العنيف في المجتمعات، وبالتالي تعزيز التعايش السلمي. يوضح الرسم التوضيحي أدناه ما يدعمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من خلال برنامج التماسك المجتمعي، وتظهر جهود منع التطرف العنيف بشكل بارز في العمل الذي يقوم به في العراق.

نحن نستخدم نهجاً قائماً على أساس المجتمع ومدعوماً منه حيث يظل هذا النهج فعالاً لمنع التطرف العنيف، في الوقت الذي نعمل نحو تحقيق سلام دائم ومستدام في المجتمعات المحلية التي تتعرض لهذا التهديد.

من خلال هذا العمل، قمنا بتدريب ما يقرب من 500 متدرب من الحكومة المحلية في مجالات التماسك المجتمعي وإعادة الدمج ومنع التطرف العنيف وتقديم خدمات دعم الصحة النفسية. كما دعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إنشاء 24 لجنة سلام محلية في مناطق العودة وقام بتدريب ما يقرب من 900 صحفي حول دورهم في بناء السلام ومكافحة خطاب الكراهية.

خلال زياراتي إلى مناطق مختلفة مثل بعاج والحضر في محافظة نينوى والتي كانت تُستخدم كقواعد إرهابية خلال الصراع ضد داعش، رأيتُ عن كثبٍ أثر عملنا في إعادة بناء الروابط المجتمعية. وفي هذه المناطق، دعم البرنامج تنفيذ 150 مبادرة مجتمعية.

هذه المبادرات ملموسة وفعالة وأدت إلى إحراز تقدم سريع نحو مجتمعات مسالمة من خلال الشراكة مع العشائر وقادة المجتمعات المحلية. إن دورنا في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يركز على دعم عملية تمكين المجتمعات من خلال برامج ومبادرات التماسك المجتمعي. لا يمكن أن يكون هناك تنمية بدون سلام ولا يمكن أن يكون هناك سلام بدون تنمية.

ومع ذلك، فهذه مجرد لمحة صغيرة عن عملنا في هذا المجال. في هذه المقالة، سوف أسلط الضوء على سبع طرق نعتمدها في مجال التماسك المجتمعي من اجل منع التطرف العنيف في العراق.

 

1- إعداد خطط عمل شاملة 

في تعاونٍ مثمر مع أهالي سبع محافظات عانت من ويلات التطرف العنيف، ساهمنا في إعداد خطط عمل شاملة تُحدد الأولويات الوطنية لمعالجة العوامل المحلية التي تُغذّي هذا التطرف. تُمثّل هذه الخطط بمثابة خرائط طريق تُرشد المحافظات نحو اتّخاذ خطوات استباقية تُساعد في منع التطرف العنيف. ولن تتوقف جهودنا عند هذا الحد، بل سنعمل خلال عام 2024 على إعداد 8 خطط أخرى في ثماني محافظات إضافية، إيماناً منّا بأهمية مشاركة جميع أطراف المجتمع في بناء مستقبل آمن ومستقر.

 

2- بناء قدرات منظمات المجتمع المدني (المنظمات غير الحكومية)

نؤمن بدور المجتمع المدني الحيوي في التصدي للتطرف العنيف، لذلك حرصنا على تدريب وتأهيل 60 منظمة من مختلف المحافظات العراقية الخمس عشرة. تسلّحت هذه المنظمات بالمهارات اللازمة لتنفيذ مبادرات فعّالة لمنع التطرف العنيف، ونجحت في تنفيذ 27 مبادرة مجتمعية في سبع محافظات. شكلت هذه المبادرات خطوة هامة في تعزيز الجهود المحلية لمكافحة التطرف العنيف، ونسعى في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى تعزيز هذه الشراكات الاستراتيجية مع منظمات المجتمع المدني. هدفنا هو ضمان استدامة هذه المبادرات ونشرها على نطاق أوسع، لخلق مجتمعات أكثر قدرة على مقاومة التطرف العنيف. 

 

3- تمكين الشباب والنساء

 

منذ عام 2021، ساهمنا في تمكين الشباب والنساء في العراق من خلال فهمهم لمفاهيم منع التطرف العنيف، وكيفية حشد الجماعات وإنشاء شبكات لتعزيز التماسك الاجتماعي. تلقى 200 من الشباب والنساء تدريبات مكثفة، مما أهّلهم لتنفيذ أكثر من 100 مبادرة مجتمعية وصلت إلى أكثر من 22500 مستفيد خلال السنوات الثلاث الماضية.أدت هذه المبادرات إلى زيادة ثقة الشباب والنساء في تولي أدوار قيادية. فمثلاً، تقدم مجموعة نسائية خدمات قانونية مجانية للنساء والفتيات في مجتمعاتهن، بينما نظمت مجموعة أخرى معرضاً لعرض منتجات النساء المنزلية بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سوق محلي في كركوك، مما أدى إلى تحسين دخلهن الأسري.

إن مشاركة النساء والشباب في ضمان عمل المجتمعات نحو السلام ومنع عودة التطرف العنيف هو أمر بالغ الأهمية. فهم مستقبل العراق، ولهم دورٌ محوري في بناء مستقبلٍ مزدهرٍ للجميع. 

 

4- تعزيز مهارات تكنولوجيا المعلومات للجان الفرعية:

من أجل تحسين إدارة البيانات، قمنا بتقديم الدعم لـ 15 لجنة فرعية على مستوى المحافظة لتنمية مهاراتهم في مجال تكنولوجيا المعلومات. ساعدهم هذا على إدارة البيانات المتعلقة بمنع التطرف العنيف بشكل فعال، ونشرها للمسؤولين المعنيين. نتيجة لذلك، تم تعزيز عملية اتخاذ القرارات المستنيرة حول هذه القضية المهمة.

5- معالجة العلاقة بين تغير المناخ والتطرف العنيف:

تغير المناخ ليس مجرد مصطلح علمي، بل هو واقع يمس حياتنا اليومية بشكل مباشر. فقد أدى إلى تغيرات جذرية في طريقة عيش المجتمعات، وهدد الموارد الطبيعية، مما أدى إلى نزوح وهجرة الكثير من الناس. وعينا بخطورة هذه التحديات دفعنا إلى عقد شراكة مع مكتب مستشار الأمن الوطني لتنظيم مؤتمر وطني في عام 2023. هدف المؤتمر إلى معالجة العلاقة بين تغير المناخ والهجرة والتطرف العنيف. ناقش أصحاب المصلحة من مختلف الوزارات الحكومية تأثير هذه الظاهرة على جهود منع التطرف العنيف. كما تم التطرق إلى الحلول المحتملة حول كيفية تخفيف الآثار السلبية لتغير المناخ على أنماط الهجرة وسبل العيش. نؤمن أن التعاون بين مختلف الجهات هو السبيل الوحيد لمواجهة تحديات تغير المناخ والحفاظ على أمن مجتمعاتنا.

 

6- تعزيز الخطاب الديني المعتدل:

 

إيمانًا منّا بأهمية دورهم في نشر السلام وحماية المجتمعات من مخاطر التطرف، أقمنا العديد من الحوارات مع شيوخ و زعماء دينين و مجتمعيين، بالتعاون مع اللجان الفرعية على مستوى المحافظة. أتاحت هذه الحوارات فرصة للتبادل الحر للأفكار، و أكدت على رفض جميع الأديان و الجماعات العرقية للتطرف بكل أشكاله. و أسفرت هذه اللقاءات عن توعية 136 زعيما دينياً بأهمية الخطاب الديني المعتدل في تعزيز التماسك المجتمعي، و مساعدة المجتمعات على التركيز على القواسم المشتركة بدلاً من الاختلافات.

7- إعادة دمج ودعم العائدين:

نحن في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، نسعى بالتعاون مع الحكومة العراقية ومنظومة الأمم المتحدة، لإعادة دمج أكثر من 25 ألف عراقي من مخيمات اللاجئين في شمال شرق سوريا، وذلك من خلال العمل تحت إطار العمل العالمي لدعم عودة المواطنين العراقيين. في عام 2023، تمكنا من مساعدة 3925 عائداً ونازحاً داخلياً في إيجاد سبل كسب العيش، كما قمنا بإعادة تأهيل 801 منزلاً. في عام 2024، سنواصل دعم جهود إعادة الادماج، مع التركيز على توفير الدعم الأساسي للأسر المتضررة، بما في ذلك السكن وسبل كسب العيش وخدمات الصحة النفسية. تُسهم هذه الجهود في إيجاد حلول دائمة، وتضمن عودة آمنة وكريمة إلى مناطق الأصل التي تتوفر فيها الخدمات الأساسية الضرورية.

نؤمن بأهمية إعادة دمج العراقيين في مجتمعاتهم، ونعمل على توفير كل ما يلزم لضمان عودة كريمة وآمنة لهم.

من خلال تدخلاتنا التعاونية في العراق، نحن نمكن الحكومة والمجتمع المدني والقادة المحليين والشباب والنساء من المشاركة في معالجة الأسباب الجذرية للتطرف العنيف - مما يسمح لكل فرد في المجتمع أن يكون جزءاً من رحلة العراق نحو السلام الدائم والتنمية المستدامة.

نتقدم بالشكر لشركائنا، بما في ذلك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والاتحاد الأوروبي وحكومات السويد والدنمارك وإيطاليا وهولندا واليابان وألمانيا، على تمكيننا من القيام بهذا العمل المهم الملموس والموجه نحو النتائج، حيث يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على توحيد جهود المساعدات الإنسانية والتنمية والسلام، مما يخلق مسارات واضحة من العمل الإنساني إلى التنمية في العراق.