القيادة وتمكين النساء في القطاع الأمني في العراق

بقلم سندس عباس، مسؤولة تمكين المرأة

26 ديسمبر 2024
a group of people sitting at a table in a room

على مدى السنوات العديدة الماضية، حققنا خطوات ملحوظة في تمكين المرأة في العراق. من تحديد النجاحات الرائدة التي أشعلت شرارة التغيير الإيجابي في المجتمعات إلى التفكير في الدور الحاسم الذي تلعبه مجموعات النساء في ربط المبادرات المحلية بالاستراتيجيات الأوسع، وقد تم تحقيق العديد من الأهداف. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به في تعزيز أجندة المرأة والسلام والأمن - وهي منطقة حاسمة حيث كان التقدم بطيئاً، وخاصة في قطاع الأمن.

بصفتي مدافعة متحمسة عن تمكين المرأة، كنت أعتقد دائماً أن تمكين المرأة في قطاع الأمن أمر صعب بشكل خاص في العراق، نظراً للمقاومة المجتمعية والمؤسسية القوية. غالباً ما تدفع الاتجاهات المحافظة إلى إعادة دور المرأة في القطاعات التقليدية، وحصر النساء في المجال الخاص وإبعادهن عن الحياة العامة. غالباً ما تتخفى هذه الذرائع الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والدينية في شكل من أشكال الحماية، لكنها في الواقع تحد من فرص المرأة. وفي الوقت نفسه، تزعم بعض الجهات أن النساء والفتيات لا يحتجن إلى الحماية من العنف المنزلي ــ وهي قضية مثيرة للقلق بشكل كبير.

وعلى الرغم من هذه التحديات، فقد كنت أعتقد منذ فترة طويلة أن تمكين المرأة أمر بالغ الأهمية في البلدان التي تواجه الأزمات، مثل العراق. إن تمكين المرأة في قطاع الأمن لديه القدرة على كسر الحواجز الراسخة، وتحدي الذكورة التقليدية التي تتخلل المجتمع والمؤسسات، وفي نهاية المطاف يؤدي إلى قدر أعظم من الاستقلال الاقتصادي. وأنا أعتقد اعتقادا راسخاً أن منظور الجيل القادم أمر حيوي في تحويل قطاع الأمن في العراق. ويدرك هذا الجيل أهمية إدماج المرأة في هذا المجال ويقر بالحاجة إلى نهج متعدد القطاعات ــ نهج يتجاوز تعزيز قدرات المرأة. ويتعين علينا إشراك الرجال في هذه العملية، وخلق بيئات عمل أكثر استجابة، والتعاون مع كبار القادة من الرجال ومشاركتهم ضرورية لتفكيك الحواجز القائمة، وتعزيز ثقافة شاملة، وضمان أن يصبح القطاع أكثر إنصافاً وفعالية.

كانت إحدى اللحظات المحورية في عملي خلال جلسة تدريبية مدتها أربعة أيام قمت بتيسيرها لـ 24 من كبار القادة من وزارة الداخلية ووزارة الدفاع، وركزت على تمكين المرأة في المؤسسات الأمنية. تألف التدريب من 28 جلسة عمل وصُمم لمساعدة المشاركين على تقييم أدوارهم ومساهماتهم بشكل نقدي نحو المساواة بين الرجل والمرأة في قطاع الأمن العراقي.

Story with Two Photos
Photo 2 Photo 6

تاريخياً، كان قطاع الأمن في العراق يهيمن عليه الرجال، وهو انعكاس للمعايير المجتمعية الأوسع. يحد هذا الهيكل الإقصائي من مشاركة النساء ويعيق قدرة القطاع على الاستجابة للاحتياجات المتنوعة للمجتمعات العراقية. في هذا السياق، يتمتع الرجال - وخاصة أولئك الذين يشغلون أدواراً قيادية مؤثرة - بفرصة حاسمة لتحدي المعايير الراسخة وخلق بيئة مواتية لتمكين المرأة. يمكن أن يؤدي دعمهم إلى تسريع التغيير وإضفاء المصداقية على المبادرات الرامية إلى زيادة تمثيل المرأة في قطاع الأمن.

من خلال المناقشات الموسعة والمنهجيات التفاعلية، بدأ المشاركون في التدريب في تحديد أدوارهم الخاصة في تحدي الصور النمطية الضارة حول ملاءمة المرأة لأدوار قطاع الأمن. لقد استكشفوا طرقاً لتبني الممارسات الشاملة، وتعزيز وجود المرأة في المناصب القيادية، وتعزيز ثقافة التمكين. وقد أثبت ان دعم الرجال القادة امر محوري في جعل هذه التغييرات أكثر مغزى وضمان سماع أصوات النساء واحترامها.

 

شارك العديد من كبار القادة رؤاهم خلال التدريب حيث:

•  تحدث العميد علي حسن علي من وزارة الداخلية عن المقاومة المبكرة للقيادة النسائية في مؤسسته. وتذكر أنه في عام 2009، كان الضباط الذكور مترددين في تحية النساء في الرتب العليا، على الرغم من أن القانون رقم 18 ينص على المساواة بين الرجل والمرأة. "لقد فهمنا أهمية هذا التغيير، وكذلك فعلت النساء. ومع ذلك، كانت القيادة مهتمة جدا في معالجة الامر لذا فقد نجحنا بمرور الوقت في تحويل ثقافة المؤسسة والتأثير على السياسات والممارسات".

•  أكد السيد إبراهيم خليل من وزارة الدفاع أن دور القيادة في إدماج المرأة ليس رمزياً فحسب. "إنه ذو مغزى وتأثير. ولهذا السبب نسعى بنشاط إلى التعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتعزيز مشاركة المرأة في قطاع الأمن".

•  وصرح العميد عدنان حمود من الشرطة المجتمعية بوزارة الداخلية: "إن القيادة المهتمة بتمكين المرأة لا تعمل فقط على تحسين برامج التوظيف والتدريب والتوجيه، بل إنها تعزز أيضاً التعاون وتبني فرقاً متماسكة تستفيد من وجهات نظر متنوعة. وهذا بدوره يحسن الجودة الشاملة للخدمات الأمنية".

 

كان السؤال الذي نشأ عن هذه المناقشات هو: ما هي أفضل الاستراتيجيات لإشراك القيادة في تمكين المرأة؟


بالملخص، لا توجد إجابة واحدة شاملة لهذا السؤال؛ حيث يجب أن تُبنى الاستراتيجية على السياقات والاحتياجات المحلية. ومع ذلك، اتفق المشاركون على عدة مناهج رئيسية يمكن أن تسهل التقدم: 1. 

  1. التوعية والتثقيف: زيادة الوعي بشأن المساواة بين الرجل والمرأة وتثقيف كل من الرجال والنساء حول فوائد قطاع الأمن الشامل.
  2.  تنمية القيادة الشاملة: تعزيز مهارات القيادة التي تعطي الأولوية للمساواة بين الرجل والمرأة والشمول.
  3.  السياسة والمساءلة: ضمان وجود سياسات لدعم مشاركة المرأة ومحاسبة القيادة عن تنفيذ هذه السياسات.
  4.  قصص النجاح: مشاركة واحتفال قصص النجاح التي تلهم التغيير وتوضح الفوائد الملموسة لتمكين المرأة في قطاع الأمن.

 إن إشراك القيادة من الرجال في تمكين المرأة داخل قطاع الأمن في العراق ليس فقط ضرورة أخلاقية بل ضرورة عملية أيضاً. يلعب الرجال دوراً أساسياً في تعزيز هذه القضية وتسريع التقدم وإثراء قدرات القطاع. إن المستقبل الشامل الذي يطمح العراق إلى بنائه لا يمكن تحقيقه إلا من خلال العمل معاً، حيث يتعاون الرجال والنساء معاً لخلق مشهد أمني يخدم ويمثل جميع أفراد المجتمع. إن الطريق إلى الأمام يتطلب التزاماً ثابتاً وتعاوناً واعترافاً بأن تمكين المرأة مسؤولية مشتركة. وبصفتهم حلفاء ودعاة وقادة للتغيير، يتمتع الرجال بفرصة فريدة للدفاع عن هذه القضية والمساعدة في تشكيل عراق أكثر عدالة وأماناً للجميع.

a group of people in uniform standing in front of a crowd