العمل من أجل جعل الطاقة في متناول اليد في اليمن من خلال الطاقة الشمسية

27 أبريل 2020

إن الارتفاع الهائل في أسعار الوقود وخروج شبكة الكهرباء العامة في اليمن عن الخدمة، لم تترك للمواطنين سوى القليل من الخيارات: إما تركيب أنظمة طاقة شمسية شخصية في منازلهم أو الاشتراك في شبكات الطاقة التجارية التي تعمل بالديزل. كلا الخيارين باهظيّ الثمن، وكما أن حلول الطاقة المتجددة تفوق إمكانيات العديد من اليمنيين. وبغض النظر عن ماهية الخيار، فإن تكلفة أي منها تضيف أعباء مالية كبيرة على الأسر التي تعاني حالياً من ضغوط اقتصادية.

قبل بدء الصراع، كان ٢٣ بالمائة فقط من اليمنيين هم من يمكنهم الوصول الى مصادر للطاقة؛ وفي الوقت الراهن، تسبب النزاع القائم بمشاكل طاقة أكبر من سابقتها، مع استمرار ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري والحصار الذي أدى الى صعوبة الوصول الى هذا الوقود. تؤثر أزمة الطاقة هذه على المشاريع، بما في ذلك المشاريع الصغرى والصغيرة والمتوسطة ومشاريع القطاع الخاص – التي تعاني جميعها من الافتقار إلى مصادر الطاقة البديلة.


يتدخل المشروع المشترك (تعزيز القدرة على الصمود في الريف اليمني) الذي يديره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للعمل على تعزيز وصول الفئات الأكثر ضعفاً الى مصادر الطاقة المتجددة وبأسعار معقولة، مع تمكين النساء والشباب اقتصادياً لتمكينهم من إعالة أسرهم. ومن هذا المنطلق، قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتطوير خطة تدخل ابتكارية ومنخفضة التكلفة لإنشاء شبكات للطاقة الشمسية الصغيرة عبر توظيف منهج 6X3 لضمان الاستدامة طويلة المدى.1 وتعد الشبكة الشمسية الصغيرة مصدر طاقة بديل، متجدد وصديق للبيئة ما يمكن الأسر الفقيرة والضعيفة من تحمل تكاليف توفير كهرباء غير منقطعة ولساعات طويلة.


قبل الأزمة، كانت تكلفة ٢٠ لتراً من الديزل تعادل ٧ دولارات أمريكية، والآن تعادل ما يقرب الـ ١٧ دولاراً أمريكياً مع عدم توفره بشكل دائم في السوق وفي محطات الوقود. تخلق الشبكة الشمسية الصغيرة واقعاً يمكن أن تكون فيه الطاقة البديلة مصدراً أفضل من الديزل كونها طاقة صديقة للبيئة وقليلة التكلفة - يمكن توظيفها بسهولة في المناطق الريفية، مما يؤثر على أعداد كبيرة من اليمنيين. نجح مشروعنا في تخفيض تكلفة الطاقة بنسبة مذهلة بلغت 65 في المائة. بدلاً من تكلفة الديزل 42 سنت في الساعة ، تكلف الطاقة الشمسية 2 سنتًا فقط ، مما يجعلها في متناول اليمني العادي.


توفر الشبكات الشمسية الصغيرة التي يوفرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حلاً وأملاً لثلاثة مجتمعات محلية في واجهة النزاع. مع العلم بأنه تم تأسيس أحد التدخلات الناجحة والمستدامة لمشروع تعزيز القدرة على الصمود في الريف اليمني في العام ٢٠١٨م من قبل مجموعة من النساء والشباب في اليمن. مشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يتم تمويله من الإتحاد الأوروبي وتنفذه مؤسسة التنمية المستدامة ومنظمة كير الدولية. وقد تم ترشيح هذا المشروع مؤخراً لجائزة آشدن المرموقة التي تسلط الضوء على أكثر التدخلات المناخية فاعلية في جميع أنحاء العالم.


ويقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشركائه بتدريب النساء والشباب الأكثر ضعفاً في مناطق الصراع. نحن نعلمهم كيفية إدارة وصيانة وتعزيز أعمالهم التي تعتمد على الشبكات الشمسية الصغيرة لتزويدها بالطاقة. يساعد نهج الطاقة الشمسية الصغيرة اليمنيين على الانتقال من الاعتماد على المساعدات الإنسانية إلى اكتفائهم الذاتي عبر أعمالهم الخاصة. هذا التدخل جاء في وقته المناسب، في وقت تم فيه فرض المزيد من القيود وظهور المزيد من التحديات لمجرد تقديم منح نقدية متعددة لدعم الأسر أو الأفراد.

ومعدل قبول المبادرات المجتمعية مرتفع جداً حيث أنها تفيد البيئة، وتجلب دخلاً مستدام للنساء والشباب وأسرهم وتعزز المجتمعات المحلية. جميع الشبكات الشمسية الصغيرة هي مشاريع مشتركة حيث يجمع المشاركون بشكل جماعي تمويلهم لتمكينهم من إنشاء شركات تجارية على نطاق واسع داخل مجتمعاتهم المحلية.


بالنسبة للمحطات الشمسية الصغيرة الثلاثة، تم توفير أموال المنحة الأولية بقيمة ٢٧٫٠٠٠ دولاراً أمريكياً (٩٠٠ دولاراً أمريكياً X ٣٠ مشاركاً تم تحديده)  للمساعدة في شراء  الألواح الشمسية والبطاريات والكابلات والعدادات وتحديد المواقع والترتيبات اللازمة لإنشاء الأعمال. بالإضافة إلى ذلك، يتلقى المستفيدين في برامجنا مساعدات نقدية للمساعدة في تلبية احتياجاتهم المعيشية مع تعلم كيفية إنشاء مشاريع للطاقة الشمسية الصغيرة. 

ولأول مرة في مجتمعاتهم المحلية، تم تدريب النساء والشباب كفنيين للطاقة الشمسية، وعمل البرنامج على تغيير نظرة المجتمع لدخول هذه الفئات في هذا النوع من الأعمال. عملت الشبكة الشمسية الصغيرة والمشاريع الصغيرة الخاصة على توفير فرصة دخل كريمة للنساء والشباب لإطعام ودعم أسرهم، وأصبحوا بذلك مناصرين للطاقة الشمسية ومثال يحتذى به في مجتمعهم. وأدركت المجتمعات المحلية -أيضاً- أنه يمكن لها أن تشارك في أنشطة اقتصادية لدعم أسرها.


وبالنظر إلى التهديد الذي يلقيه وباء كوفيد-١٩ في اليمن، فقد أثبتت هذه التجربة أن لدى هذه الأعمال التجارية القدرة على التكيف مع التدابير الاحترازية كالتباعد الاجتماعي وغسل اليدين مع الاستمرار في تقديم الخدمات. والأهم من ذلك، فإن استمرارية الأعمال الصغيرة خلال فترة انتشار الوباء سيمكن النساء والشباب من تجاوز الصدمات الناجمة عن جائحة كوفيد-١٩.


إن محطات الطاقة الشمسية الصغيرة في اليمن تبعث الأمل في القدرة على التكيف مع الصدمات الخارجية ومدى حيويتها وأن الطاقة المتجددة يمكن أن تلعب دوراً لا يتجزأ في توفير حلول مستدامة يمكن إعادة تطبيقها في بيئات مختلفة، متبعة للمنهجية التصاعدية، ومنخفضة التكلفة للأزمات الإنسانية والإنمائية.  


1برنامج مبتكر يرتكز على منهجية برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 6X3 لتعزيز سبل العيش المستدامة للفئات الضعيفة والمتضررة بفعل الأزمات. يوظف المشروع المهارات، الموارد والخبرات المحلية لدعم الفئات المتضررة من الأزمات لتمكين استقلاليتهم المادية، وبالتالي تعزيز مساهمتهم في تعافي الاقتصاد المحلي، والانتقال من الاستجابة لحالات الطوارئ إلى مسار التنمية المستدامة.