تسخير الابتكار من أجل القدرة على مواجهة الكوارث: فيضانات درنة

20 ديسمبر 2023

مخلفات مبنى تدمر بفعل الفيضانات في درنة

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي /عبد الله القمودي

في 10 سبتمبر 2023، واجهت المنطقة الشرقية من ليبيا كارثة طبيعية لا مثيل لها بسبب العاصفة دانيال، وهو إعصار عنيف ضرب البحر الأبيض المتوسط. حيث أحدثت هذه الكارثة أثراً مدمراً في مدينة درنة الساحلية، مما أدى إلى خسائر لا تصدق في الأرواح والبنية التحتية ونزوح الآلاف.

في هذه المدونة نستكشف الجوانب الأساسية لإدارة الكوارث مع التركيز على دور الابتكار في تعزيز القدرة على الصمود، ولا سيما نظم الإنذار المبكر والتأهب. ويؤكد على الضرورة الملحة للتأهب للكوارث في ليبيا.

نظم الإنذار المبكر والتأهب

عندما ضربت عاصفة البحر الأبيض المتوسط دانيال شرق ليبيا، وجد سكان درنة أنفسهم عالقين في شبكة من الشكوك. واجه هذا الجيل من الناس، الذين لم يتعرضوا أبدًا لكارثة طبيعية بهذا الحجم، التحدي الهائل المتمثل في فهم - والاستجابة - للأحداث غير المسبوقة التي تتكشف حولهم.

ملاءمة نظم الإنذار القائمة

في الفترة التي سبقت الكارثة، تلقى السكان إشارات متضاربة، مما جعلهم غير مستعدين للطوفان الوشيك. من ناحية أخرى، تم فرض حظر تجول في درنة ومناطق أخرى بالشرق، وتلقى العديد من السكان رسائل نصية على هواتفهم تنصحهم بالبقاء في منازلهم. وفي الوقت نفسه، حثت بيانات رسمية أخرى على إجلاء المناطق الساحلية بسبب خطر حدوث موجة من البحر. ترك هذا الافتقار إلى الوضوح السكان دون توجيه واضح وعرضهم للقوة الكاملة للكارثة.

أهمية نظم الإنذار المبكر المتكاملة
 

تكتسي نظم الإنذار المبكر الفعالة أهمية كبرى في الحد من مخاطر الكوارث وحماية المجتمعات المحلية الأكثر ضعفاً من الظواهر الجوية القاسية. ويشمل النظام المصمم بشكل جيد عدة عناصر رئيسية. أولاً، يجب أن تقدم تنبيهات دقيقة وفي الوقت المناسب للمقيمين والسلطات الحكومية وأصحاب المصلحة المعنيين، وتقدم معلومات موحدة وواضحة وقابلة للتنفيذ. يضمن استخدام قنوات الاتصال المتعددة، مثل التنبيهات عبر الهاتف المحمول وصفارات الإنذار والبث الإذاعي والقنوات التلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي، لضمان الوصول على نطاق واسع، والوصول إلى جماهير مختلفة، بما في ذلك محدودي الوصول للتكنولوجيا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن النظام المؤثر يتجاوز المعلومات المتصلة بالطقس ؛ وهو ينقل الأثر المحتمل للأحداث المناخية المتطرفة، مما يوفر فهماً شاملاً للمخاطر.

وأخيرا، فإن التنسيق والاتصال السلسين فيما بين وكالات الأرصاد الجوية وسلطات إدارة الكوارث والسلطات المحلية أمران أساسيان، مما يكفل النشر الفعال للإنذارات والتفعيل الفوري لخطط الاستجابة.

أفضل الممارسات لنظم الإنذار

في المناطق المعرضة تاريخيًا للظواهر الجوية الشديدة، نفذت عدة بلدان أنظمة إنذار مبكر نموذجية لحماية سكانها من الكوارث الطبيعية. اليابان، على سبيل المثال، لديها نظام متطور يستخدم التكنولوجيا المتقدمة لتوفير تحذيرات دقيقة وفي الوقت المناسب من الموجات الضخمة التي تعرف بالتسونامي، مما يسمح للسكان بالبحث عن أرض مرتفعة أو إخلاء المناطق الساحلية.

وبالمثل، تستخدم الولايات المتحدة النظام المتكامل للإنذار والإنذار العام (IPAWS)، ونشر التنبيهات من خلال قنوات الاتصال المختلفة، بما في ذلك الهواتف المحمولة والتلفزيون والإذاعة. تلعب نظام التنبيه بالطوارئ دورًا حاسمًا في تحذير السكان من الظواهر الجوية القاسية، مثل الزوابع والأعاصير.

تكافح ليبيا مع زيادة في الظواهر الجوية المتطرفة والكوارث، ويعزى ذلك جزئيًا إلى آثار تغير المناخ. ونتيجة لذلك، يتعين عليها أن تطور قدراتها بشكل فعال في مجال الإنذار المبكر للتصدي للتهديدات الناشئة التي تشكلها الفيضانات وغيرها من التغيرات البيئية.

دور الوعي العام: تغير المناخ

لنظم الإنذار المبكر أهمية كبيرة في إدارة الكوارث، ولا سيما في مواجهة الأخطار المتزايدة المتصلة بالمناخ. إن مبادرات التوعية والتأهب العامة الفعالة تمكن السكان من الاستجابة على النحو المناسب للإنذارات والتخفيف من آثار تغير المناخ.

تؤكد مأساة درنة على الحاجة إلى تعزيز التثقيف العام وجهود التأهب في ضوء عدم الاستقرار البيئي، بما في ذلك التخطيط المناسب، وتدريبات الإخلاء، وبرامج التوعية التي يمكنها أن تعزز الأنشطة في مواجهة الكارثة، خاصة في ظل المناخ المتغير.

في قلب الأزمة: دعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي المستمر لدرنة

Man in surveys flood damage

وفي أوقات الأزمات، يصبح دور البرنامج الإنمائي في الميدان فعال، بالتعاون الوثيق مع السلطات المحلية، والتركيز على تخطيط وتقديم الخدمات الأساسية، ودعم سبل العيش، وتعزيز التماسك الاجتماعي. 

كما عزز البرنامج الإنمائي شراكته مع صندوق إعادة إعمار بنغازي درنة من أجل تقديم الدعم التقني وبناء قدرات الصندوق على العمل بمستويات عالية من الكفاءة والفعالية لقيادة جهود إعادة الإعمار في درنة وغيرها من المناطق المتضررة.