مجالات عملنا

البيئة والتغير المناخي

المقدمة

 

يحظى التغير المناخي، وتردي التربة والإنتاج غير المستدام للطاقة، وتلوث الهواء والماء، وفقدان التنوع البيولوجي باهتمام عالمي كبير. في ليبيا، وكما الحال في أماكن اخرى، تسبب هذه المشاكل البيئية عراقيل أمام الجهود المبذولة لتحقيق التنمية المستدامة وإدارة الموارد الطبيعية للبلاد على نحو ملائم.

تمثل الصحراء في ليبيا ما يقرب من 95 في المائة من مساحة الأراضي الليبية، حيث تعج المناطق الساحلية والجبال المنخفضة والواحات المتناثرة في الصحراء بالكثافة السكانية، وتعاني من أعلى مستويات تدهور الأراضي وأقل حماية لنظمها الإيكولوجية وموائلها المتنوعة بيولوجياً. ويعد التصحر أحد أكثر التهديدات البيئية إلحاحاً في ليبيا والذي يشكل مخاطر بفقدان المزيد من الأراضي الصالحة للزراعة المحدودة بالفعل، والتي بدورها تهدد الأمن الغذائي. كما ينتج التصحر عن مجموعة من العوامل، بما في ذلك ارتفاع معدلات التحضر والاستغلال المفرط للموارد المائية والنباتات الطبيعية.

ليبيا معرضة بشدة لتأثيرات تغير المناخ، حيث إن الزيادات المتوقعة في درجات الحرارة وزيادة وتيرة وشدة الظروف المناخية القاسية، وانخفاض هطول الأمطار، وارتفاع مستويات سطح البحر تهدد استدامة إمدادات المياه وتشكل خطراً وجودياً على المراكز السكانية الساحلية حيث يقيم حوالي 70 ٪ من سكان البلاد. كما يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم ندرة المياه، مما يقلل من توافر المياه للاستهلاك الزراعي والمنزلي.

كما تعد ليبيا من أكثر الدول التي تعاني من ندرة المياه في العالم، وتعتبر ندرة المياه من أكبر التهديدات الناشئة التي تواجه البلاد، حيث هنالك حاجة إلى ضمان الوصول العادل إلى المياه للأغراض المنزلية والاقتصادية. في هذا الخصوص، من شأن استخدام الأساليب الزراعية المراعية للمناخ التقليل من الإفراط في استخدام موارد المياه وغيرها من الممارسات الضارة بيئياً التي تساهم في تآكل التربة والتصحر، مما يؤثر بشكل أكبر على القطاعات الإنتاجية والأمن الغذائي. كما أن تعزيز القدرة الوطنية على تنفيذ الالتزامات البيئية الدولية يمكن أن ييسر حماية الموائل والنظم الإيكولوجية البحرية والبرية.

 

السياق الليبي

 

على الرغم من تعرض ليبيا لتأثيرات تغير المناخ، لم يكن هناك تقدم كبير نحو تطوير وتنفيذ استراتيجيات أو خطط محلية للحد من هذه المخاطر أو التكيف مع تغير المناخ. ينبئ التدهور البيئي المستمر بمزيد من التدهور في البيئات الأرضية والبحرية والنظم الإيكولوجية دون اتخاذ إجراءات مجدية.

كما يستلزم تعرض ليبيا لتأثيرات تغير المناخ والتدهور البيئي اتخاذ تدابير استباقية ضد عواقبها المحتملة، حيث يمكن أن يساعد تطوير وتنفيذ السياسات والاستراتيجيات الوطنية للحد من المخاطر والتكيف مع تغير المناخ في التخفيف من أسوأ آثار تغير المناخ، بما في ذلك التصحر وحماية المراكز الحضرية الساحلية من ارتفاع منسوب مياه البحر، والذي من المحتمل أن يزيد من ملوحة التربة، مما يؤثر بشكل أكبر على الإنتاج الزراعي.

بينما وقعت ليبيا على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في عام 2015 وصدقت على اتفاق باريس للمناخ في عام 2021، إلا إنه لم يتم تقديم السياسات أو الخطط أو التقارير المطلوبة، مثل المساهمة الوطنية المحددة أو خطط التكيف أو الاتصالات الوطنية.

تؤدي تأثيرات تغير المناخ إلى تفاقم ندرة المياه، من خلال الجفاف والفيضانات والظواهر الجوية الشديدة والحرارة، والتي يمكن أن تلحق الضرر بالبنية التحتية والخدمات الحيوية للمياه والصرف الصحي في المنازل والمدارس ومرافق الرعاية الصحية والإمدادات الغذائية.

يوفر مشروع النهر الصناعي حوالي 60 في المائة من احتياجات ليبيا من المياه العذبة، ويستغل المياه من طبقات المياه الجوفية غير المتجددة التي لا يمكن إعادة تعبئتها بمياه الأمطار. كما يؤدي ارتفاع درجات الحرارة ونقص هطول الأمطار إلى زيادة احتياجات الري، وبالتالي الضغط على موارد المياه، وزيادة مخاطر الجفاف. بالإضافة إلى أن نقص الوعي بالاستخدام الأمثل للمياه والحفاظ عليها، وتغلغل مياه البحر في طبقات المياه الجوفية الساحلية يساهم في زيادة أزمة المياه.

يدعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تطوير السياسات التي تعمل على تحسين القدرة على التكيف مع تغير المناخ على المستويين الوطني والمحلي. من خلال التعاون مع الأمم المتحدة والشركاء الآخرين في تطوير الإطار القانوني والتنظيمي لقطاع الطاقة، سيساهم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في النمو المراعي للبيئة والمستدام بمبادرات جديدة، وهذا يشمل المساعدة في تطوير الأطر القانونية والتنظيمية.

وستركز مساهمة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على الحد من الانبعاثات الناتجة عن احتراق الوقود وتحسين السياسات والاستراتيجيات للتصدي لتغير المناخ، ولا سيما في قطاع النفط؛ وتسهيل الانتقال نحو طاقة أكثر مراعاة للبيئة وتحسين الأمن المائي من خلال إطالة عمر النهر الصناعي.