النساء في لبنان يقدن الحل السلمي للنزاعات بدعمٍ من الأمم المتّحدة

21 سبتمبر 2022

امرأة تشارك في ورشة عمل الفسيفساء التابعة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في مخيم الزعتري للاجئين، الأردن.

© هيئة الأمم المتّحدة للمرأة\ كريستوفر هيرويغ. 4 تشرين الأول\أوكتوبر 2015.


للنساء دور أساسي في بناء السّلام. جهودهن غالباً ما تكون غير ملحوظة، غير أنهن يلعبن دوراً فعّالاً في البلدان المتأثرة بالنزاعات في المنطقة العربيّة من خلال نزع فتيل التّوترات والتوسط في النّزاعات في مجتمعاهن (هيئة الأمم المتحدة للمرأة، 2022).[1]

في لبنان، تساهم النّساء بتحقيق السلام بعدة طرق. على سبيل المثال، تسعى ربى إلى السلام من خلال عيش حياة هادئة وسعيدة في منزلها بينما تركّز ندى على تربية أبناء مسالمين وداعمين لتمكين المرأة، وتضع رنين الحد من انتشار الأخبار الزّائفة ضمن أولوياتها لتحقق السلام في مجتمعها.

طوّرت ربى وندى ورنين مهاراتهن في بناء السلام من خلال المشاركة في عدة برامج ومشاريع نفذتها الامم المتحدة في لبنان عبر هيئة الأمم المتّحدة للمراة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مختلف المناطق اللبنانية، واليوم تلعب كل منهن دوراً بارزاً في بناء السّلام في مجتمعها.

ربى، مشاركة في مشروع "إنشاء مساحة للنساء بانيات السلام" المنفّذ من قبل الأمم المتّحدة في لبنان عبر هيئة الأمم المتّحدة للمرأة

© جورج روكز\ مركز الأمم المتّحدة للإعلام في بيروت. 6 أيلول\سبتمبر، 2022.

"إن السلام الدّاخلي هو السّلام المطلق"، تقول ربى، وهي ناشطة اجتماعية لبنانية وأم لأربعة أولاد تتحدر من مدينة بعلبك في لبنان. تقوم ربى بما في وسعها من أجل عيش حياة عائلية هادئة ومستقرّة على الرّغم من اختبارها طفولةً غير مستقرّة على أثر طلاق والديها وإقامتها في منطقة غالباً ما تشهد نزاعات مسلّحة. ربى على اقتناع أنّها كامرأة قياديّة في مجتمعها قادرة على تعزيز ثقافة السّلام وحل النّزاعات بطريقة لا عنفيّة. ومن ضمن مساعيها في هذا المجال، تشارك ربى في مشروع "إنشاء مساحة للنساء بانيات السلام"، الذي يهدف إلى تعزيز الحوار السّلمي في المجتمعات المحلّيّة مع نساءٍ من الشّمال والبقاع في لبنان.

من خلال هذا المشروع الذي نفّذته الأمم المتّحدة في لبنان عبر هيئة الأمم المتّحدة للمرأة ومنظمة إنترناشونال ألرت، عملت مع زميلاتها على تطوير خطّة مفصّلة لإشراك الشّبان والشابات والمجموعات المحلّيّة في تعزيز السّلم الأهلي في بعلبك. كجزء من هذه الخطّة، بدأت ربى مع زميلاتها بزيارة صانعي وصانعات القرار في المنطقة لإشراكهم/نّ في خططها والدعوة إلى حل النزاعات سلميا.

لطالما كانت ربى مصمّمة على تحقيق طموحها على الرّغم من أنّها ترعرعت في بيئة محافظة حيث قيل لها بأن النساء لا ينتمين إلى أي مكان خارج منازلهن. فقد تمكّنت من تحصيل تعليمها في مجال البرمجة وتحليل النّظم، واصبحت أول امرأة في بعلبك تحمل شهادة في هذا المجال. "أتمنّى لجميع النّساء أن يستطعن تحقيق طموحاتهن وأن يتخلّصن من خوفهن. وأدعو جميع النّساء إلى التّعبير عن أنفسهن وإلى أن يلعبن دوراً فعّالاً في مجتمعاتهن، شبيهاً بالدّور المهم الذي يلعبنه في منازلهن".

 ندى، 26، بعلبك، لبنان

ندى (اسم مستعار)، مشاركة في مشروع "إنشاء مساحة للنساء بانيات السلام" المنفّذ من قبل الأمم المتّحدة في لبنان عبر هيئة الأمم المتّحدة للمرأة

© جورج روكز\ مركز الأمم المتّحدة للإعلام في بيروت. 6 أيلول\سبتمبر، 2022.

"أشعر بالسّلام عندما ألعب مع أطفالي"، تقول ندى (اسم مستعار). تركت ندى مع ابنها وزوجها سوريا عام 2017 فارّةً من الحرب وباحثةً عن ملجأً في بعلبك، لبنان. وعاشت ندى ظروفاً مروّعة في سوريا بسبب الحرب التي أجبرتها على ترك جامعتها حيث كانت تدرس الأدب العربي.

على الرغم من الحزن الذي شهدته في سنٍّ مبكرة، لم تتخلَّ عن الحياة والحب واستعدادها لمساعدة مجتمعها. والحال أنّها مصمّمة على مواصلة تعليمها وتطوير مهاراتها وبناء معرفتها، وهي ملتحقةٌ بالعديد من التدريبات وورش العمل حول مختلف الموضوعات والمهارات. التحقت ندى مع ربى بمشروع "إنشاء مساحة للنساء بانيات السلام"، الممول من قبل هيئة الأمم المتّحدة للمرأة والذي يهدف إلى تعزيز اللاعنف والسّلام وهي تؤمن أن "هذا هو السّبيل الوحيد لبناء مستقبل أفضل لأولادي".

من خلال مشاركتها في الحوار والاستماع الفعّال مع نساء لبنانيات وسوريات، تؤمن ندى بانها أصبحت أكثر ثقةٍ بنفسها لتعبّر عن رأيها ضمن مجموعة متنوّعة. بالنّسبة لندى، إن مدّ الجسور بين الأشخاص والمجتمعات أساسي من أجل بناء مجتمع يعمّه السّلام: "عندما استمع لقصص النّساء اللّبنانيّات ألاحظ أنّ مشاكلهن وهواجسهن شبيهة بمشاكلي وهواجسي وأن بيننا أرضيّة مشتركة لبناء علاقة أكثر إيجابية".

تتمسك ندى بتربية أبنائها بسلام. فهي لا تعتمد العنف في تأديبهم وتعلّمهم أن يتجنّبوا العنف في حلّ مشاكلهم. وتقول مع: "أتمنّى لأطفالي أن يعيشوا الحياة المسالمة التي حلمت بها ولكني لم أعشها".

رنين ، 26، عكار، شمال لبنان

رنين، مشاركة في عملية "الشّباب لمكافحة الاخبار الزائفة وخطاب الكراهية" التي ينفّذها برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي.

© جورج روكز\ مركز الأمم المتّحدة للإعلام في بيروت. 6 أيلول\سبتمبر، 2022.

لطالما سعت رنين وهي ناشطة في مجال بناء السّلام، لأن تصبح مصدراً للمعلومات الموثوقة في مجتمعها. وتقول بفخر: "لأنني شابّة تعيش مع إعاقة جسديّة، لم يستمع النّاس إلي، وبالطّبع فإنهم لم  يثقوا بكفاءتي؛ لكن عملي الدؤوب في مجال التحقّق من المعلومات وإصراري على الدراسة ونيل شهادة في الإعلام بنيا سمعتي كمصدرٍ موثوقٍ للمعلومات".

تعيش رنين مع شلل في ذراعها اليسرى، لكن إعاقتها لم تكبح طموحها بأن تصبح رائدة في مجتمعها من خلال ممارسة "صحافة السّلام". كتلميذة في مجال الصّحافة، تؤمن رنين بأنه "من واجبي أن انتج محتوىً دقيقاً يناقض الاخبار الزائفة واسعة الانتشار المسؤولة عن تأجيج النزاعات اليومية في لبنان".

تعرّفت رنين إلى "صحافة السّلام" من خلال مشاركتها بتدريب نفّذته الأمم المتّحدة في لبنان عبر برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي يهدف إلى رفع الوعي حول تأثير الاخبار الزائفة وخطاب الكراهية على الاستقرار الاجتماعي. وكان هذا التدريب جزءاً من عملية "الشّباب لمكافحة الاخبار الزائفة وخطاب الكراهية" التي ينفّذها برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي بالشراكة مع جمعيّة دوائر وبتمويل من ألمانيا من خلال البنك الألماني للتنمية KFW. بالإضافة إلى التّدريبات والجلسات التّمرينيّة، شاركت رنين أيضاً بجلسات الحوار التوعوية والعروض المسرحيّة التّفاعليّة في القرى والجامعات في مختلف المناطق اللّبنانيّة.

تشعر رنين بانّه من واجبها كامرأة أن تشارك في قيادة حلّ النّزاعات بسلام في مجتمعها وأن تدعم مبادرات السلام، وتقول: "لا يمكن تحقيق السّلام الكامل إذا لم تكن النّساء مُمكّنات بشكلٍ كافٍ للتحدّث وقيادة عمليّة حل النّزاعات".