من مؤتمر الأطراف، أزمة ندرة المياه في المنطقة العربية: أمثلة وحلول مقترحة

16 ديسمبر 2023

 

قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتيسير جلسة بعنوان "الترابط بين ندرة المياه والتنمية المستدامة" في جناح العراق خلال مؤتمر الأطراف 28، وسلطت هذه الجلسة الضوء على أحد التحديات الأكثر إلحاحاً التي تواجه المنطقة العربية: ندرة المياه، والتي تعتبر عائقاً أمام التنمية تتجاوز أبعادها موضوع توافر المياه فحسب، وتمتد آثارها الى الأمن الغذائي والاجتماعي، والتنوع البيولوجي.

ويجسد العراق خطورة هذه الأزمة، حيث يشهد خسارة كبيرة تتراوح ما بين 8 إلى 12 مليون متر مكعب من المياه السطحية سنوياً. وتعاني أهوار بلاد ما بين النهرين على وجه الخصوص من انخفاض حاد في توافر المياه، حيث فقدت ما يقرب من 78٪ من مياهها منذ عام 1973. وتؤكد هذه الحقيقة الصادمة الطبيعة متعددة الأوجه لتحدي ندرة المياه، حيث يتشابك التدهور البيئي مع التحديات الاجتماعية ويؤدي الى عواقب اقتصادية.

وتبادل الخبراء الحاضرون في الجلسة تجارب من الدول العربية مختلفة بطبيعتها ولكن جميعها تصب في مجال التحديات التي تواجه قطاع المياه. على سبيل المثال، أدى الانهيار الكارثي الأخير للسد في ليبيا بسبب هطول الأمطار الغزيرة (600 ملم خلال 12 ساعة لمنطقة تتلقى متوسط 200 ملم سنوياً) إلى وفاة أكثر من 25,000 شخص، واعتماد مصر شبه الكامل على إمدادات المياه العابرة للحدود، والتنويع المتقدم لمصادر المياه في الأردن من خلال إعادة استخدام أكثر من 95% من مياه الصرف الصحي ومع ذلك لا يزال الأردن يكافح للحصول على أقل من 60 لتراً للفرد يومياً من المياه. ترسم كل هذه الأمثلة صورة قاتمة ستزداد سوءاً مع التفاقم الحالي لآثار التغير المناخي.

 

وشدد الخبراء على الحاجة إلى الشفافية والتخطيط القوي على مستوى الأحواض ومستجمعات المياه، مع التركيز على تبادل البيانات والتوزيع العادل للمياه. وان إعطاء الأولوية للأمن المائي من خلال الخطط المصممة للتخفيف من آثار التغير المناخي هو أمر ضروري، كما أوضحت وزارة الموارد المائية في العراق.

وقدم الخبراء توقعات مثيرة للقلق، حيث أشاروا إلى أن المنطقة العربية قد تشهد انخفاضاً بنسبة 30٪ في توافر المياه بحلول عام 2050، مما سيؤدي إلى انخفاض كبير في الإنتاجية الزراعية بنسبة تتراوح بين 30-60٪. ويمثل هذا السيناريو تهديداً خطيراً للأمن الغذائي في منطقة تعاني بالفعل من تدهور الأراضي على نطاق واسع - حيث أن 46% من الأراضي المتدهورة في العالم تقع في المنطقة العربية، كما أن المنطقة تعتمد بشكل كبير على الواردات الغذائية بنسبة تزيد عن 50%.

ومما يزيد من تعقيد الأمر هو الحصة غير المتناسبة من الموارد المائية التي تتمتع بها المنطقة، فعلى الرغم من أن المنطقة العربية تضم 5% من سكان العالم و10% من مساحته السطحية، إلا أنها تمتلك 2.5% فقط من المياه المتجددة. ويسلط هذا التناقض الضوء على الحاجة الملحة إلى استراتيجيات شاملة لمعالجة أزمة ندرة المياه السطحية والجوفية.

 

وسلطت المناقشة الضوء أيضاً على أهمية الروابط المتبادلة بين الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة (ضمان إتاحة المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع) وجميع أهداف التنمية المستدامة الأخرى، والتي تربط بشكل جوهري بين توافر المياه والرفاه الاجتماعي والاستقرار الاقتصادي.

أدار الجلسة نائب الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة والمنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في ‎العراق السيد غلام إسحق زى.

بمشاركة كريمة من:

  • الدكتور فؤاد حسين سعيد، وزارة الموارد المائية العراقية.
  • الدكتور علي عايد سعيد الكبير، مستشار اللجنة العليا، ليبيا.
  • الدكتور وليد حقيقي، رئيس إدارة التخطيط، وزارة الموارد المائية والري، مصر.
  • السيدة ميسون الزعبي - رئيسة اللجنة الإدارية لمبادرة السلام الأزرق، الأردن.
  • رياض بوجمادي رئيس فريقالطبيعة والمناخ والطاقة، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الجزائر.