ازدهار الرمان في صعيد مصر

أرباح الممارسات الزراعية المُحَسَّنَة تجدد أمال صغار المزارعين في تحقيق الرخاء

4 ديسمبر 2019

مزارع يفحص ثمار الرمان بمحصوله

 
البداري قرية في قلب محافظة أسيوط في صعيد مصر. وقد تصدرت هذه القرية الصغيرة عناوين الأخبار في الماضي عندما أدت نيران الثأر بين القبائل المتناحرة إلى نشر الدمار في المنطقة.

أبرز الملامح

  • أظهرت اختبارات بقايا المبيدات التي أجرِيَت في إسبانيا تطابق 85 في المائة من عينة الرمان التي ينتجها 23 مزارعاً صغيراً من قرية البداري مع لوائح الاتحاد الأوروبي.
  • قام برنامج سلاسل بصورة مباشرة بمساعدة 180 مزارعاً من جمعيات المزارعين في كلٍّ من البداري ورفاعة الطهطاوي وساحل سليم والدوير من أجل تحسين إنتاجهم وممارساتهم الزراعية والحصول على توجيهات ودعم شاملين بشأن التسويق. يقوم أولئك المزارعون معاً بزراعة نحو 750 فداناً من الرمان.
  • شرع برنامج سلاسل في برنامج تجريبي لتشجيع إنتاج حَب الرمان وبناء قدرات 30 سيدة في المنيا لإتقان هذه المهارة. وقام بالتوسط في صفقة لتوريد طن من حَب الرمان إلى جهة كبرى تقوم بمعالجته ليضيف بذلك قيمة إلى المحصول ويخلق فرص عمل جديدة.

في الآونة الأخيرة، عاد اسم القرية للتَدَاول في الصحف المحلية ولكن لسبب مختلف تماماً أظهرت نتائج اختبارات بقايا المبيدات تطابُق غالبية محصول الرمان الذي ينتجه صغار مزارعي القرية مع لوائح الاتحاد الأوروبي.

هذا الاكتشاف الكبير أحيا الأمل لدى المزارعين والمنطقة ككل في زيادة أرباحها وإقامة أنشطة تجارية جديدة. وقد جاء هذا الاكتشاف في ظل الاحتياج إليه في أعقاب عقد من الانخفاض المتوالي في صادرات هذه الفاكهة الحمضية الحمراء حلوة المذاق والمبيعات المحلية منها.

يقول محمد عبد الرحمن: "هذه الشجيرات عزيزة عليّ كأبنائي... ظللت لأكثر من 20 عاماً أعتني بهذه الشجيرات وأشذبها وأغذيها بل وأحبها... نعم أحبها".

ويقول عبد الرحمن - عضو مؤسس لجمعية مزارعي البداري - إن الرمان يتمتع بسوقٍ محلية ودولية واعدة لاسيما مع انتشار استخدام حباته وقشرته الحمراء السميكة في صناعة الأدوية والصبغات.

ورغم هذا، كان المصدرون والتجار المحليون ينصرفون عن شراء فاكهتهم بسبب الاستخدام الكثيف للمبيدات ووسائل التشذيب العتيقة.

في أسيوط - إحدى محافظات الوجه القبلي المهمة - تشير السجلات الحكومية إلى أن المزارعين يزرعون أشجار الرمان على مساحة تتجاوز العشرة آلاف فدان (الفدان = 4,200 متر مربع) لتمثل بذلك أعلى تركيز لزراعة الرمان في العالم ويجعل من الرمان محصولاً إستراتيجياً للبلد.

يوجد في الوجه القبلي - على نحوٍ متفاوت - نحو 66 في المائة من قرى مصر الأشد فقراً و95 في المائة من أفقر القرى في مصر.

من أهم أسباب هذا الفقر المستشري تفتيت الأراضي وعدم قدرة صغار الملاك - الذين يمتلكون أقل من فدانين في المتوسط - على إنتاج محاصيل ذات جودة عالية لاسيما في ظل غياب خدمات إضافية جيدة وإرشادات جيدة للسوق. ولكن الأسوأ من ذلك هو عدم قدرة المزارعين على بيع محاصيلهم كجهة موحدة؛ وهو ما يؤدي إلى حصول الوسطاء على إنتاجهم بأبخس الأسعار.

قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون الوثيق مع الحكومة بتشكيل فريق يجمعه بثلاث وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة للبدء في تنفيذ برنامج "سلاسل القيمة للصناعات البستانية لصالح الفقراء في صعيد مصر (سلاسل)" للتعامل مع هذه المشكلة. يستعين هذا البرنامج الذي يتكلف 7.5 مليون دولار أمريكي ويموِّله صندوق الأهداف الإنمائية للألفية بنهجٍ قائم على السوق في تحسين الخدمات الإضافية و"سلاسل القيمة" للمزارع الصغيرة، ومن هنا جاء اسم البرنامج "سلاسل".

يقوم البرنامج بربط إدخال أفضل الممارسات المتقدمة في مجال الزراعة التي ترفع من كفاءة صغار المزارعين وإنتاجيتهم ربطاً مباشراً بالتسويق الفعال لإنتاجهم مع التركيز على دعم الزراعة الجماعية والتعاقدية.

وفي أسيوط، قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وفريق متخصص من المهندسين الزراعيين وخبراء التسويق بمساعدة المزارعين المحليين في تحسين محصولهم في الموسم الحالي من خلال برنامج شامل للترويج للرمان يشمل عمليات تقييم لأهم المشاكل في هذا القطاع والتواصل مع أصحاب المصلحة المعنيين والتصدي للفجوات عن طريق التدريب واستخدام التكنولوجيا المناسبة.

وقد ساهم برنامج سلاسل في ربط مزارعي قرية البداري بعشرة من المصدرين وتجار الجملة المحليين، وتمكنوا من بيع محصولهم بأسعار تزيد على سعر السوق بـ50 قرشاً على الأقل للكيلو.

أحمد، أحد مزارعي الرمان الشباب المستأجرين في منتصف العشرينيات من عمره، يقول بابتسامة تنم عن الرضا تعلو وجهه: "خمسون قرشاً تحدث فارقاً كبيراً لي في ضوء الكمية الإجمالية التي نبيعها".

حصل أحمد وزملاؤه المزارعون على صفقة جيدة بربحٍ إجمالي بلغ 4 ملايين جنيه مصري لبيع ألف طن من الرمان.

ويقول أحمد: "يشرفني كثيراً أن محصولي كان خالياً تماماً من المبيدات؛ فاستحققت سعراً أعلى على مجهودي... محصول هذا العام سيسد متطلبات حفل زفافي".