شركاء النجاح : اطلاق تمهيدي لمختبر التسريع الإنمائي في سورية مع برنامج القيادات الشابة

February 28, 2021

إنه لباعثً على التفاؤل أن نرى الشباب السوري على استعداد دائم للمساهمة في مساندة بلدهم بكل شكل من الأشكال، على الرغم من التحديات العديدة التي يواجهونها في حياتهم. إن رؤية شاب أو فتاة يافعين يأخذون زمام المبادرة لإحداث تغيير في مجتمعاتهم الصغيرة أو خلق مساحة للابتكار لأقرانهم يستدعي الراحة حيث أن جهودهم تظهر أن  الأمل لايزال موجودًا ، وأن ثمة طاقة متجددة إيجابية في انتظار أن يتم الاستفادة منها. في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سوريا، لدينا الفرصة للعمل عن قرب مع هذه الطاقات . لدينا الفرصة بأن نعمل مع مجموعة متنوعة من الشباب من مجالات مختلفة، يمثلون مختلف الأنحاء السورية. هذه المجموعة هي جزء من برنامج القيادات الشابة.

كان فريق برنامج القيادات الشابة من أوائل الفرق التي بادرت للترحيب بنا والتفاعل معنا في مختبر التسريع الإنمائي حيث أظهروا اهتماماً في عمل المختبر وأرادوا تقديم المساعدة بأي طريقة ممكنة.  عرّفنا القائمون على برنامج القيادات الشابة على أنشطة البرنامج وفعالياته على الصعيدين الاقليمي و الوطني، كما قاموا بالشرح عن المبادرات الفردية في البرنامج. ومن خلال شرحهم وتعريفهم أدركنا  على الفور  أن هذا البرنامج، سوف يكون عامل وشريك نجاح  مهم لمختبر التسريع الانمائي فيما إذا تم استثماره بالشكل الصحيح . وذلك لأن الشباب هم:

مبتكرون ومبدعون: كل واحد من شباب برنامج القيادات الشابة هو إما مبادر (لديه مبادرته الخاصة) أو مبتكر لحل مستدام يستجيب لحاجة نابعة من مجتمعه. ويشكل هؤلاء الشباب معاً جزءاً لا يتجزأ من بيئة الابتكار في سوريا.

خبراء بمجتمعهم: الشباب لديهم الخبرة المباشرة والمعرفة الأساسية بالتحديات التي تمر بها مجتمعاتهم، هذه المعرفة من الممكن أن تضيف منظوراً جديد إلى العمل التنموي و تعطي فرصةً للخروج بأفكار جديدة.

صناع التغيير المجتمعي: هؤلاء الشباب القادمون من مختلف الأنحاء السورية لديهم القدرة على التغيير ودفع مجتمعاتهم نحو التنمية، من الممكن أن يكونوا شركاء في إيصال مفاهيمنا وأفكارنا إلى أقرانهم ومجتمعاتهم. ومن خلال مبادراتهم المختلفة، يمكن لهم مساعدتنا في الوصول إلى المجتمعات في مختلف المناطق السورية، خاصة الشرائح المهمشة منها.

مناصرون لأهداف التنمية المستدامة: الشباب لهم دور كبير في رفع مستوى الوعي العام بأهداف التنمية المستدامة بين أسرهم وأقرانهم ومجتمعاتهم.

والأهم من ذلك هم قادة: فقد تم اختيار هؤلاء الشباب ليكونوا جزءاً من برنامج القيادات الشابة بسبب إمكاناتهم و القدرات القيادية التي لديهم. و التي من الممكن أن تسهم في تطوير أقرانهم ليس فقط من خلال المبادرات ولكن أيضاً من خلال كونهم نموذجا يحتذى به لفعالية الشباب.

أبلغنا فريق القيادات الشابة عن التخطيط للقيام بمخيم تدريبي هو أقرب إلى حفل تخريج للمشاركين بالنسخة السادسة لبرنامج القيادات الشابة. وأعرب الفريق عن اهتمامه بدعوتنا لنكون جزءاً من هذا المخيم . وبالفعل وجدنا في المخيم فرصة لنا للقيام بإطلاق تمهيدي لأنشطة مختبر التسريع الانمائي حيث أمكننا اختبار ما نرغب بتقديمه والعمل عليه لإطلاقنا الرسمي.

لم تكن مهمة سهلة بالنسبة لنا أن نقف  أمام جمهور من نخبة الشباب السوري على الأصعدة المعرفية والعملية في المجالات الإنسانية والمجتمعية. لكنها كانت فرصة عظيمة لنا  لنلتقي بخمسةٍ وثلاثين شاباً وشابة تم اختيارهم للمشاركة.

كان اليوم الأول مقدمة لمختبر التسريع الإنمائي وعمله في سوريا. من خلال المقدمة أجبنا عن الاسئلة ماذا؟لماذا؟كيف؟ المتعلقة بعملنا كما ناقشنا دورة المئة يوم التعلمية ، ثم قدمنا أمثلة ناجحة وتحديات تعمل عليها مختبرات تسريع تنموية في بلدان أخرى. بالإضافة لذلك قمنا بالتعريف بمنهجية العمل و مفاهيمه مثل تخطيط وتوثيق الحلول المحلية,المعارف الشعبية، الابتكار المحلي وأهمية ما سبق لعملية التنمية المستدامة. من خلال هذه الأنشطة قام الشباب بتقديم مجموعة من الحلول المبتكرة المحلية من مجتمعاتهم و التي تصب في الجهود المبذولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

في اليوم الثاني أعطينا الشباب ثلاثة مواضيع للاختيار بينها ليتم مناقشتها و البحث في دوافعها و نتائجها. شملت المواضيع عمالة الأطفال، و زيادة حالات العنف القائم على الجنس، وبطالة الشباب. وكما كان متوقعاً، تم اختيار  بطالة الشباب كموضوع للنقاش لما لهذه القضية من تأثير مباشر على حياة الشباب مما يجعلهم الأكثر خبرة بها! بالنسبة للشباب كان النشاط بسيطًا، مجرد عصفٍ ذهني حول الدوافع الرئيسية لبطالة الشباب. ولكن بالنسبة لنا فقد كانت فرصة لتجربة واختبار فعالية الذكاء الجمعي بشكل مباشر.. كل واحد من المشاركين قدم وجهة نظره الخاصة حول بطالة الشباب، مما ساهم برسم صورة متكاملة،  كل رأي ومنظور ساعدنا على الاقتراب من الشكل الكامل للصورة. و استطعنا من خلال المناقشة أن نستشعر أهمية خلفيات الشباب التعليمية والثقافية المتنوعة في بناء فهم أفضل لبطالة الشباب. وعلاوة على ذلك، فقد أدركنا مدى أهمية وتعقيد وإلحاح مسألة بطالة الشباب في سوريا، لهذا السبب قررنا أن نختار بطالة الشباب في سوريا كأحد التحديات التي سنعمل عليها لمدة مئة يوم في مختبر التسريع الإنمائي. نستطيع القول أنه كان من الملهم أن نرى كيف أن نشاطاً بسيطاً لا تتجاوز مدته خمساً وأربعين دقيقة قادرٌ على أن يكسبنا فهماً أعمق لمسألة معقدة كمسألة بطالة الشباب في سوريا. والأهم من ذلك أننا تأكدنا من أن إشراك المعنيين الرئيسيين بقضية ما، هو أكثر فعالية وإنتاجية من تجاهلهم والعمل بدونهم.

ما هي خطواتنا التالية، كيف سنتمكن من الاستفادة المثلى من الطاقات الشبابية

يمكن لمختبر التسريع الانمائي الاستفادة من الخبرات المتاحة في برنامج القيادات الشابة بشكلٍ كبير. حيث أن حماسهم وتفانيهم في نشاطهم المجتمعي عكس إمكاناتهم في أن يكونوا جزءًا نشطًا مساهماً داخل مختبر التسريع الانمائي.

 هذه المساهمة تتمثل في أن يصبحوا:

موثقين للحلول المحلية :

هؤلاء الشباب هم خبراء في مجتمعاتهم، يدركون احتياجاتها، ويلمون بخصوصيتها الثقافية، ونقاط قوتها، وضعفها.  لذا يمكن لهم مساعدتنا من خلال العمل كنقطة دخول إلى مجتمعاتهم. حيث ستساعدنا شبكاتهم ومبادراتهم على الوصول إلى أصحاب الحلول والمبادرات الشعبية. كما سيسهلون وصولنا إلى الفئات المهمشة الذين يصعب الوصول إليهم. ويمكن توظيف مجموعة المهارات المختلفة التي لدى الشباب و التي تم تدريبهم عليها في أبحاثنا الاجتماعية وورش العمل المجتمعية.

مستكشفين للبيانات والمصادر الرقمية:

عندما سُئل الشباب المشاركون عن مصادر جمع البيانات والمعلومات، أظهروا معرفة عميقة ونضجاً في هذا المجال بطريقة مفاجئة فاقت توقعاتنا الأولية.  إن معرفتهم الملموسة بالسياق المحلي واعدة جداً، من خلالاهم يمكننا التأكد من وجود شبكة موثوقة نعتمد عليها عند البحث عن حلول أو استكشاف المشاكل، وذلك لأن معظمهم يمتلك مهارات تقنية يمكن استخدامها للتعجيل بعملية استكشاف البيانات والمعلومات، فكل ما يحتاجونه هو القليل من التفاصيل وبناء القدرات في مجال تحليل البيانات والمعلومات.

مجرّبين:

كان من الملهم أن نرى كيف أن الشباب لم يحتج سوى القليل لفهم منهجية عملنا ومفاهيمنا في مختبر التسريع الإنمائي. فقد استطاعوا في أقل من ساعة أن يصمموا تحدياً ل100 يوم وهدفاً لتحقيقه خلال 1000 يوم. كما قاموا بإجراء تجارب علمية مصغرة رغم  التشويش المتعمد. وعلاوةً على ذلك، فهم الشباب ما يعنيه وضع فرضية قابلة للاختبار على مستوى صغير يجري توسيعها بحال نجاحها. كل هذا دلّ على إمكاناتٍ غير مستغلة تسعى للعمل على هدف جيد، ولدينا الثقة بأن هؤلاء الشباب والشابات يمكن أن يكونوا جزءاً مهماً في اختبار وتوسيع الحلول المستدامة في مختبر التسريع الإنمائي.

شيئ ما بالمقابل

"لقد حضرنا الكثير من وورش العمل, وما نريده ليس ورشة عمل أخرى، ما نريده هو أن نكون جزءًا من الحل، نريد أن نكون فاعلين مع مختبر التسريع بأسرع وقت ممكن".

"نحن متحمسون للغاية لوجود مختبر التسريع الإنمائي  في سوريا، نريد أن نعرف ما يمكننا فعله لنكون جزءاً منه وكيف يمكننا المساعدة؟"  

"لدي الكثير من الأفكار الجيدة للعمل مع مختبر التسريع، متى يمكننا أن نلتقي؟"  

هذه بعض من التعليقات التي تلقيناها من الشباب في نهاية المخيم . هذه التعليقات تعكس عقلية مواطنة فاعلة ونشطة يمتلكها الشباب. ذكرنا العديد من السيناريوهات حول كيفية الاستفادة من طاقة الشباب. ولكن السؤال المهم هو كيف يمكننا أن نقدم لهم شيئا ما في المقابل. مواردنا المالية محدودة ولا يمكننا استخدامها كمحفزات للشباب لمكافئتهم على عملهم المجتمعي. ونحن على يقين من أنهم لا يبحثون عن المال أو الكسب الشخصي. ومع ذلك، ينبغي أن تكون هناك طريقة ما تجعلهم يشعرون بالتقدير ، طريقة ما تمكّنهم وتحتفي بجهودهم. قد يكون ذلك من خلال بناء قدراتهم، أو من خلال منحهم منصة لمبادراتهم تقدم لهم فرصة التشبيك مع مختلف الشركاء. أو ببساطة قد يكون ذلك من خلال ربطهم بفرص تمويلية خارجية. حتى الآن لا توجد لدينا خطة واضحة لتقديم الدعم لهؤلاء الشباب، ونحن لا نزال نبحث في الخيارات المتاحة أمامنا. قد يكون أحد أفضل الطرق لمعرفة أساليب الدعم المفضلة لدى الشباب هو التشاور مع الشباب أنفسهم حيث أنهم على دراية بما يحتاجونه وما قد يشعرهم بالتقدير.         

 

لمعرفة المزيد عن برنامج القيادات الشابة:

https://www.arabstates.undp.org/content/rbas/en/home/democratic-governance-and-peacebuilding/youth-leadership-programme0.html

المبادرات الشبابية المشاركة في البرنامج:

https://seersociety.net/