المرأة اليمنية: مواجهة التغير المناخي والقيادة نحو مستقبل اليمن

بعد سبع سنوات من الصراع، أدى الوضع المتدهور في اليمن إلى ما يوصف الآن بأسوأ أزمة إنسانية وتنموية في العالم.

9 مارس 2022

تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من ٢.٧ مليون شخص في اليمن – ٤.٦ مليون امرأة – بحاجة ماسة إلى أحد أشكال المساعدات (الغذاء، الماء، الصحة، المأوى وغيرها)؛ يشمل ذلك أيضاً ٤ ملايين امرأة نازحة داخلياً في جميع أنحاء اليمن ممن يواجهن مخاطر يومية بحثاً عن الأمان والمأوى ويواجهن المزيد من الصعوبات والحرمان من أساسيات العيش.

اليوم العالمي للمرأة
هو اليوم الذي تحتفل فيه النساء في جميع أنحاء العالم بإنجازاتهن في السعي نحو عالم أكثر مساواة. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال اليمن يحتل أدنى المستويات في كلٍ من مؤشري عدم المساواة بين النساء والرجال ومقياس المنتدى الاقتصادي العالمي للفجوة بين الرجال والنساء.

مما لا شك فيه أن النساء والفتيات في اليمن هن الأكثر تضرراً من النزاع بما ينتج عنه من آثار النزوح، والحرمان من الخدمات، والمعاناة اليومية. بالإضافة إلى ذلك، أدى تفشي جائحة كوفيد-١٩ إلى تفاقم سوء الظروف التي تعيشها النساء والفتيات اللاتي يعانين بالفعل من فقدان سبل العيش والبطالة بشكل غير متناسب. وقد دفعت هذه الأزمات المتفاقمة النساء والفتيات الى مستويات ما تحت خط الفقر المدقع والجوع، مما أدى إلى زيادة أوجه ضعفهن.

خطر جديد يلوح في الأفق

أثّر تغير المناخ بشدة على فرص حصول المرأة اليمنية على المياه، الغذاء والطاقة.  في بلد تنهكه الحرب، يترك هذا التأثير السلبي لتغير المناخ النساء عرضة لنتائج غياب الموارد الحيوية – خاصة بالنسبة للنساء الريفيات اللواتي يعتمدن بشكل شبه كامل على الموارد الطبيعية والزراعية لكسب عيشهن وغذائهن. قد أدى ذلك إلى تفاقم المستويات المرتفعة بالفعل من انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية التي تعاني منها النساء والفتيات.

كذلك يشكل انعدام الأمن المائي مصدر قلق دائم لليمنيين، وخاصة النساء والفتيات اللاتي يتحملن مسؤولية جمع المياه. العديد من النساء والفتيات الصغيرات عيهن قطع مسافة ست ساعات أو أكثر يومياً لجمع المياه، في حين تلجأ أخريات إلى الشرب من مصادر غير نظيفة، أو – في حال كن قادرات على تحمل التكلفة المادية – فإنهن يدفعن رسوماً عالية لتوصيل المياه. يؤدي التفاوت في نسبة هطول الأمطار الموسمية في جميع أنحاء البلاد بسبب تغير المناخ إلى انجراف التربة والتدهور البيئي، مما يؤدي إلى فقدان التربة السطحية الخصبة. هذا يؤثر بشكل مباشر على مصدر الدخل الرئيسي لليمنيين الريفيين الذين يمثلون ٧٠ في المائة من سكان البلاد البالغ عددهم ٣٠ مليون نسمة.

تجاوز الصعوبات

في مواجهة هذه الشدائد التي تواجه المرأة اليمنية، ركّز برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن على الدور الرئيسي للمرأة في بناء القدرة على التعامل مع تغيّر المناخ. يضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي النساء في قلب الاستجابة – لتمكينهن من مواجهة التحديات وقيادة التنمية المحلية من خلال مشاركة المجتمع المحلي في كل من عمليات صنع القرار والتنفيذ.

من خلال قيادة تحالفات العمل النسوية للعدالة المناخية، يقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن بتقليل وتخفيف آثار التغيّر المناخي التي تطول النساء فيما يتعلق بالمياه، الغذاء والطاقة ومواءمة مساهمة كلاً من النساء والرجال.

نظراً لأن المجتمعات الريفية في اليمن تعاني من ندرة المياه وتعتمد بشكل كبير على هطول الأمطار الموسمية، فقد سعى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى إيجاد حلول دائمة للتخفيف من الآثار السلبية لشحة المياه الناجمة عن تغير المناخ والتغلب على هذه الآثار. على هذا النحو، قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بعمل خطط لتجميع مياه الأمطار، بناء قنوات وشبكات الري، توظيف الري من مياه السيول، فضلاً عن دعم ممارسات الإدارة المتكاملة لتجمعات المياه واستصلاح الأراضي الزراعية المتدهورة. في عام ٢٠٢١م وحده، دعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن إعادة تأهيل وصيانة مرافق المياه والصرف الصحي في مدينتي عدن والمكلا والتي استفاد منها أكثر ١٣٠,٠٠٠ شخص – ٥١٪ امرأة.

عملت هذه التدخلات على تحسين مجال المياه والصرف الصحي على ضمان وصول النساء والفتيات إلى مصادر مياه آمنة وجيدة. ساهم ذلك أيضاً في حماية صحة للنساء والفتيات الريفيات بدنياً ونفسياً، حيث لم يعد يتعين عليهن جمع المياه من أماكن بعيدة – مما يسمح لهن بالمشاركة في أنشطة إنتاجية أخرى.

ومع انعدام الأمن الغذائي السائد في اليمن، فإن مشاركة المرأة أصبح أكثر أهمية للوقاية من الجوع وسوء التغذية والعمل نحو تعزيز الصمود في مجال الأمن الغذائي.  ومع استفادة ٥٠ في المائة من النساء، دعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إعادة تأهيل أكثر من ٢٤,٠٠٠ هكتار من الأراضي الزراعية. وفي العام الماضي، تم تدريب ٧٥٠ مزارعة على كيفية استخدام البذور والأسمدة، فضلاً عن الأساليب الزراعية المنتجة.

البناء نحو الاستدامة

ومن خلال مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن – البنك الدولي، دعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إعادة تأهيل قنوات الري والمدرجات الزراعية، فضلاً عن بناء جدران للحماية من الفيضانات يستفيد منها ما يقرب من ٤,٠٠٠ امرأة.  كما ساعد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ما يقرب من ٣,١٠٠ أسرة على إنشاء حدائق منزلية خاصة – استفادت منها حوالي ١,٥٠٠ امرأة. كما دعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أكثر من ٢٧٥,٠٠٠ امرأة و٤٠٤,٠٠٠ طفل بخدمات النقد مقابل التغذية. 

الطاقة ضرورية للحياة اليومية للمرأة اليمنية، وخاصة للنساء اللاتي تعتمد سبل عيشهن عليها – بما في ذلك الصناعات الغذائية الصغيرة التي تقودها النساء. استفادت العديد من النساء من الطاقة النظيفة في حصولهن على خدمات غير منقطعة في المراكز الصحية، المدارس وغيرها من الخدمات العامة. تم تأسيس أعمال شبكات الطاقة الشمسية الصغيرة التي تديرها النساء بدعم من برنامج دعم سبل العيش والأمن الغذائي في اليمن (الصمود الريفي ٢) للعمل على توفير إمدادات الطاقة للأسر والأسواق – دعم ١٨٥,٠٠٠ أسرة للوصول إلى مصادر الطاقة النظيفة للإضاءة ولأي أغراض أخرى، بما في ذلك ٢٨ في المائة من الأسر التي رب الأسرة فيها امرأة.

من خلال برنامج القيادات الشبابية (YLP)، يستثمر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن في مهارات وقدرات الشابات للحد من الأضرار التي يتسبب بها الإنسان على البيئة وكذلك تعزيز العمل المناخي. تم دعم ثلاث شابات يمنيات مبتكرات وفاعلات في مجال تغير المناخ من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن ليتم ترشيحهن لاحقاً للمشاركة في فعاليات عالمية لنشر الوعي بهذه القضية، بما في ذلك مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP26)، مؤتمر الأمم المتحدة للشباب حول المناخ بدورته السادسة عشر (COP16)، والبرنامج الإقليمي للمبتكرات – بالإضافة إلى أن أحد المبتكرات تم ترشيحها بين أفضل ثلاثة مبدعين في برنامج القيادات الشبابية وشاركت في المنتدى الإقليمي لبرنامج القيادات الشبابية السابع لمشروعها المساهم في الحد من تغيّر المناخ.

سيواصل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي جهوده في تعزيز دور المرأة والتخفيف من مترتبات تغير المناخ على النساء، معالجة هذه المترتبات باعتماد نهج متكامل ينصب في قطاعات المياه، الغذاء والطاقة لبناء القدرة على التكيف مع تغيرات المناخ والقدرة على الصمود، تنسيق التدخلات، وتحسين أوجه الاستدامة في جميع القطاعات. في الوقت الذي تعمل فيه النساء والفتيات للتغلب على مواطن الضعف، تعزيز الأدوار الإنتاجية وزيادة فرص صنع القرار، يمكنهن أن يكنّ قائدات للعمل على مواجهة التغيّر المناخي في اليمن – أي المشاركة في قيادة العالم نحو مستقبل مستدام.