معصرة "أشجان" لإنتاج زيت السمسم في اليمن، مشروعٌ يغير حياتها
13 مايو 2025
تقوم أشجان بتحضير بذور السمسم الخام بعناية داخل معصرتها، لتكون جاهزة لاستخلاص زيت السمسم عالي الجودة. ومن خلال هذا العمل، حققت استقلالًا ماليًا، وأصبحت اليوم قادرة على إعالة أطفالها وتوفير احتياجاتهم في منطقتها.
عادةً ما تقتصر أعمال النساء في اليمن على الخياطة أو الطبخ أو صناعة الحلويات. لكن أشجان اختارت طريقًا مختلفًا، وقررت خوض تجربة غير تقليدية في مجال استخراج زيت السمسم، وهي حرفة عريقة ومتجذرة في الثقافة اليمنية.
في سن الثالثة والعشرين فقط، كانت أشجان أُمًا لثلاثة أطفال. وكحال العديد من الأسر في مجتمعها، عانت هي وزوجها من عدم استقرار مالي؛ إذ لم يكن لديهم مصدر دخل ثابت، وكان زوجها يعمل في وظائف مؤقتة. بدافع الإصرار على تغيير واقعهم، خطرت لأشجان فكرة مشروع: إنشاء معصرة تقليدية لاستخراج زيت السمسم باستخدام الإبل.
المشاركة في برنامج الصمود الريفي 3 (ERRY III)
انبثقت فكرة مشروع أشجان عندما انضمت إلى البرنامج المشترك الصمود الريفي 3 (ERRY III)، وهو برنامج مشترك ممول من قبل الاتحاد الأوروبي وحكومة السويد. كانت من بين ثلاثة آلاف شخص تلقّوا تدريبًا على كيفية إنشاء المشاريع الصغيرة، كما حصلوا على منح مالية لإطلاق أعمالهم.
تتذكر أشجان قائلة: "عندما سمعت عن البرنامج الذي يدعم النساء في إنشاء مشاريعهن، شعرت أن هذه هي فرصتي. أردت أن أثبت أن المرأة قادرة على العمل والنجاح تمامًا كما الرجل."
لم يكن الطريق سهلًا، إذ شكك بعض أفراد المجتمع في قرارها، لكن أشجان رفضت أن تسمح لهذه الشكوك أن تحبطها. كانت لديها رؤية واضحة، وإصرار قوي على تحويلها إلى واقع.
من فكرة إلى عمل مزدهر
بفضل الدعم الذي تلقّته، تمكّنت أشجان من تحويل فكرتها إلى واقع ملموس. أنشأت معصرة زيت السمسم الخاصة بها، مستخدمةً جملاً لتدوير المطحنة واستخراج زيت عالي الجودة. ما بدأ كمجرد محاولة لدعم أسرتها، سرعان ما تحول إلى مشروع ناجح يوفّر دخلًا ثابتًا ويغيّر مجرى حياتهم.
تقول أشجان بفخر: "زوجي لم يعد عاطلًا عن العمل، بل أصبح شريكي في هذا المشروع. معًا، بنينا شيئًا يضمن مستقبل عائلتنا."
ولم يقتصر نجاح أشجان على الجانب المالي فحسب، بل اكتشفت أيضًا شيئًا أكثر عمقًا: شعورًا بالاستقلال والغاية.
يقوم زوج أشجان بصب بذور السمسم الخام في المطحنة لبدء عملية العصر. وقد أصبحت هذه الطريقة التقليدية في استخراج زيت السمسم، والتي تعتمد على الجمل لتدوير المعصرة، مصدر دخل رئيسي يعيل أسرتهما ويوفّر لها سبل العيش الكريم.
فوجئ بعض الناس برؤية امرأة تدير معصرة زيت السمسم"، تعترف أشجان، "لكنني أثبتُّ لهم أن النساء قادرات على النجاح في أي مجال يخترنه."
تحلم أشجان اليوم بتوسيع مشروعها وتوظيف نساء أخريات من قريتها، إيمانًا منها بأن كل امرأة تستحق فرصة لتحقيق إمكاناتها.
رسالة إلى المرأة في ريف اليمن
"لا شيء مستحيل! تستطيع المرأة أن تعمل، أن تسهم في إعالة أسرتها، وأن تثبت قدرتها على إحداث التغيير. التمكين الاقتصادي هو مفتاح لمستقبل أفضل لنا ولأطفالنا."
تشجّع أشجان النساء على كسر القيود، والخروج من مناطق الراحة، والإيمان بقدراتهن في صنع مستقبل مختلف.
تصب أشجان زيت السمسم الطازج في أوعية بعناية، حرصًا منها على ضمان الجودة التي يثق بها زبائنها. ومن خلال التزامها بالجودة والعمل المتقن، استطاعت بناء قاعدة عملاء وفية تثق بمنتجاتها وتدعم مشروعها باستمرار.
التطلّع إلى المستقبل
تخطط أشجان لتوسيع معصرتها وإيجاد المزيد من فرص العمل للنساء في قريتها. تطمح إلى تمكين النساء الأخريات من دخول عالم ريادة الأعمال وبناء مستقبل أفضل لأنفسهن ولعائلاتهن.
تقول أشجان: "في الماضي، كنت أشعر بالعجز عندما أحتاج شيئًا ولا أملك المال لشرائه. أما اليوم، فأنا فخورة بأنني أستطيع إعالة أطفالي دون الحاجة لطلب المساعدة من أحد."
أشجان لا تضغط زيت السمسم فقط — بل تمضي بثبات نحو الأمام، ملهمةً جيلًا جديدًا من الشابات في اليمن ليحلموا ويعملوا من أجل مستقبل أكثر إشراقًا.
تعمل أشجان وزوجها جنبًا إلى جنب في إدارة معصرة زيت السمسم، متحدَين في هدفهما لبناء مستقبل أفضل لعائلتهما.