مصادر الطاقة المتجددة في ليبيا: ملائمة للكوكب و ذات منفعة للأعمال

23 يونيو 2023

لوحات طاقة شمسية في درح كجزء من جهود بناء السلام والتعافي في جنوب ليبيا

البرنامج الإنمائي / عبدالله حسين

يتغير مشهد الطاقة العالمي بوتيرة جذرية, ففي عام 2023 ، ولأول مرة ستتجاوز الاستثمارات العالمية في مصادر الطاقة المتجددة استثمارات النفط والغاز, و على مدى السنوات الخمس المقبلة ، ستأتي 90٪ من السعة الكهربائية الجديدة على مستوى العالم من مصادر الطاقة المتجددة , حيث يرجع هذا التحول إلى الانخفاض المستمر في تكاليف إنتاج الكهرباء المتجددة وتزايد المخاوف العامة بشأن تغير المناخ. يمثل هذا الاتجاه فرصة كبيرة لليبيا إذا اتخذت الخطوات اللازمة للاستفادة من مواردها الوفيرة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

و مع احتفال العالم بيوم البيئة العالمي ، يجدر بنا أن نتذكر الفوائد الهائلة للطاقة المتجددة على صحة الناس والبيئة ,  فهذه الطاقة أنظف وأكثر أمانًا وتستهلك كميات أقل من المياه وهي مستدامة. كما أنه  يًعد امرا مهم لمستقبل ليبيا حيث سيؤدي تحول الطاقة في النهاية إلى خفض الطلب على النفط والغاز مما يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط والغاز.

يًعد وضع  ليبيا جيدا لاستغلال هذا المورد الجديد, نظرًا لموقعها في قلب حزام الشمس ، حيث أن سنة واحدة من الإشعاع الشمسي على كل كيلومتر من الأرض تنتج طاقة تعادل 1.5 مليون برميل من النفط الخام. ومع ذلك ، ففي الوقت الذي يشهد فيه  جيرانها بتقدم سريع  ، لا يزال نظام الطاقة الكهربائية في ليبيا يعتمد بشكل حصري على الهيدروكربونات التي تستهلك 11 مليون طن من معادل النفط بدلاً من بيع هذا المورد في السوق الدولية بينما تظل الأسعار مرتفعة.

فلإعادة تموضعها ، تحتاج ليبيا إلى إجراء تغييرات كبيرة, ويشمل ذلك سن قانون للكهرباء يوفر إطارًا تنظيميًا واضحًا وحوافز لاستثمارات الطاقة المتجددة لجعل الطاقة المتجددة قادرة على المنافسة ، حيث تحتاج ليبيا   إلى إعادة هيكلة نظام تعريفة الطاقة الكهربائية. بشكل حاسم ، تحتاج إلى إعادة توجيه دعمها للكهرباء المولدة للنفط والغاز إلى الطاقة المتجددة. لتحسين المدخرات ، يجب تنفيذ سياسات كفاءة الطاقة بما في ذلك إدخال نظام وضع العلامات على كفاءة الطاقة, يجب أيضًا إنشاء هيئة تنظيمية لمراقبة الامتثال وحماية حقوق المستهلك , ذلك لأن  هذه التدابير تًعد  ضرورية لتوفير الثقة للمستثمرين وجذب مشاركتهم في مشاريع الطاقة المتجددة.
ستخلق هذه الإصلاحات الظروف اللازمة لليبيا لكسر الاحتكار الحالي لإنتاج الطاقة الكهربائية, حيث  إن خلق مساحة للقطاع الخاص لا يجذب التمويل فحسب ، بل يحفز الابتكار والكفاءة والفعالية من حيث التكلفة,  فبمجرد فتح الفرصة للقطاع الخاص ، ستتمكن القوى العاملة الليبية من إعادة مهاراتها للعمل في قطاع الطاقة المتجددة, و بفضل قدرات الطاقة المتجددة الكافية ، ستكون ليبيا قادرة على الاستفادة من إمكانات إنتاج الهيدروجين الأخضر, علما بأنّ سوق الهيدروجين الأخضر الناشئ لديه القدرة على توفير الكهرباء والتدفئة ووقود النقل والإنتاج الصناعي وحتى توفير مياه الشرب.

يمكن للمجتمع الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي مساعدة ليبيا على تسهيل هذا الانتقال, حيث  يدعم برنامج تحويل الطاقة التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ، بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة ، ووزارة التخطيط ، وهيئة الطاقة المتجددة في ليبيا ، ومكتب المجلس الوطني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وغيرها  تطوير وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للطاقة المستدامة 2035 ، بما في ذلك المشورة السياسية والتنظيمية ، وإطلاق معايير كفاءة الطاقة الجديدة وكذلك تحفيز مبادرات توليد الطاقة المتجددة الرئيسية الجديدة من خلال دعم تطوير الواجهة الأمامية للمشاريع ، وهو أمر مكثف تقنيًا وقانونًا.
 

هذا الدعم فعال فقط إذا نفذت ليبيا الإصلاحات اللازمة لتهيئة نفسها للاستعداد لانتقال الطاقة. في جميع أنحاء المنطقة ، من الإمارات العربية المتحدة إلى المغرب ، تتخذ الحكومات إجراءات جريئة لتهيئة بلدانها للمرحلة الانتقالية القادمة. حان الوقت لكي تقرر ليبيا المستقبل الذي تريده.
الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا السيد مارك أندري فرانش