بناء الذاكرة الجماعية للماضي: خطوة نحو المصالحة

13 يوليو 2018

حلقة نقاش "نظرة على الحب والذاكرة" في بيت بيروت، السوديكو

 

أيار/2018

يقول فيليب لازاريني، المنسّق المقيم للأمم المتحدة ومنسّق الشؤون الإنسانية: "لا تخجلوا من تاريخكم وذكرياتكم الجماعية فمواجهة الماضي أساسية لتفادي العودة إلى العنف والحرب".

كان لازاريني قد دعا الجمهور المشارك في حلقة نقاش حول "التاريخ الشفهي للحرب الأهلية اللبنانية وذاكرتها" في بيت بيروت في 15 أيار 2018 إلى مواجهة ماضيه وفهمه. وقد تشارك الدكتور مايكل روس، القائم بأعمال السفارة الألمانية في لبنان، التعليق ذاته. "الشخص الذي لا يعرف ماضيه، لا مستقبل لديه".

ويوم افتتاح معرض الصور "نظرة" على الحرب والذاكرة، نظّم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان،جلسة النقاش بالشراكة مع الهيئة اللبنانية للتاريخ ولجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان والمنظمة غير الحكومية محاربون من أجل السلام والمركز الدولي للعدالة الإنتقالية، بتمويل من ألمانيا.

وقالت مديرة مركز الدراسات اللبنانية في الجامعة اللبنانية الأميركية الدكتورة مهى شعيب: "المشكلة في التاريخ الشفهي هي أن الجميع يشك فيه لأن الجميع يمكنه القيام به، إنما يجب الإدراك بأن التاريخ الرسمي أيضاً يتمّ صنعه ويمكن التلاعب به. ثمة حاجة ملحّة لتوثيق التاريخ الشفهي".

و سلطت نور البجاني، ممثلة المركز الدولي للعدالة الإنتقالية في لبنان، الضوء على واقع انتهاء كتب التاريخ في لبنان عند حقبة استقلال البلاد. وقالت: "هذا يشكّل مشكلة". ويرى زياد صعب، رئيس جمعية محاربون من أجل السلام، أن أساس المشكلة هو أن الجميع يؤمن بأنه يملك الحقيقة. وأضاف: "بصفتنا محاربين سابقين، نحن نتمتّع بالشجاعة الكافية للقول بأننا نعمل على تصحيح أخطائنا".

أداء فرقة "وصل" خلال افتتاح معرض نظرة

 

ولم تكن الجلسة فرصةً للجميع للمشاركة في محادثات حول الماضي والذكرى والذكريات الفردية فحسب، بل شكّلت أيضاً منصة للمنظمات التي تعمل على التاريخ والذاكرة لتسليط الضوء على أهمية توثيق التاريخ الشفهي وتلقيمه في علم التأريخ للحرب الأهلية، وفقًا لنايلة حمادة، ناشطة تربوية ورئيسة الهيئة اللبنانية للتاريخ.  

وفي هذا السياق، شاركت وداد حلواني، رئيسة لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان، تجربتها الشخصية حول كيفية تحوّل بحثها الشخصي عن فردٍ مفقود في عائلتها إلى بحث مشترك عن المخطوفين والمفقودين في لبنان.

وكانت الحاجة إلى الحوار بين الضحايا والمحاربين والمتفرجين من جهة، والحكومة من الجهة الأخرى، بغية تفعيل عملية البحث عن الحقيقة في قضية المفقودين، من أبرز نقاط الجلسة.

وقالت سيدة مشاركة في الجلسة في بداية عرض إعادة التمثيل المسرحي الذي قدمته فرقة وصل: "لقد شهدت كافة تفاصيل الحرب وكافة المراحل ودورات النزاع التي صقلت سلوكنا وذكرياتنا".

طُلِبَ من الحضور مشاركة قصتهم الشخصية عن الحرب ومشاهدة إعادة تمثيلها مباشرةً من قبل فرقة الممثلين. وشارك البعض من الأشخاص الأصغر سناً، بعد سماع القصص من "جيل الحرب"، قصصاً كانوا قد سمعوها من أهاليهم.

انتهت الجلسة لتبدأ معها عملية البحث عن الحقيقة في عقول كل من حضر جلسة المناقشة في بيت بيروت الذي كان بمثابة قاعدة مراقبة أمامية وقنص خلال الحرب وتحوّل اليوم إلى رمز مهيمن للحرب الأهلية اللبنانية.