الكلمة الافتتاحية للأستاذة رندة أبو الحسن

الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر خلال إطلاق تقرير التنمية البشرية لعام 2021 في مصر خطب

14 سبتمبر 2021

فخامةَ الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيسَ جمهوريةِ مِصرَ العربيةِ

حضراتِ السيّداتِ والسادةِ من الحضورِ الكريمِ

يسعدني أن استهل حديثي بتهنئةِ سيادتِكُم وكلِ فريق العمل على إصدارِ تقريرِ التنميةِ البشريّةِ في مِصْرَ 2021 -وعنوانُه "التنميةُ حقٌ للجميعِ: مِصْرُ المسيرةُ والمسارُ"- وهو التقريرُ الثاني عَشر في سلسلةِ تقارير التنميةِ البشريةِ الوطنيةِ التي تُصدِرُها مِصْرُ منذ عامِ 1994.

ويأتي هذا التقريرُ المهمُ بعد انقطاعٍ دام عشرَ سنواتٍ، ليجددَ ويؤكّدَ التزامَ مِصرَ بنهجٍ تنمويٍّ يضعُ الإنسانَ في قلبِ التنميةِ، وهو نهجُ التنميةِ البشريةِ الذي أُسَّسَ له تقريرُ الأممِ المتحدةِ للتنميةِ البشريةِ دوليًا على مدى الأعوامِ الثلاثين الماضية.

ويتناولُ التقريرُ فترةً مِفصليةً في تاريخِ مِصرَ الحديثِ بدأتْ مع ثورتي 25 يناير 2011 و2013، ثم إقرارَ دستورٍ جديدٍ سنة ٢٠١٤، وما أعقبَهُ من إصلاحاتٍ مهمةٍ في السياساتِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ، عالجتْ بجَرأةٍ وحسمٍ تحدّياتٍ تنمويةٍ مُزمنةٍ.

إذ نجحَ البَرنامجُ الوطنيُ الجريءُ للإصلاحِ الذي تبنّتهُ مِصرُ عام 2016 في تحقيقِ الاستقرارِ للاقتصادِ الكلّي، وتعزيزِ الثقةِ به، وهو ما حفِظ مصرَ مما تسببتْ به جائحةُ "كورونا" في عامِ 2020 من تعطيلٍ للاقتصادِ العالميّ كلّهِ. فكانتْ مَصرُ من الدولِ القليلةِ التي تمكَّنت من الحفاظِ على وتيرةٍ إيجابيةٍ لنموِّها الاقتصاديّ.

التقريرُ يسجّلُ نجاحَ مِصرَ في تحقيقِ تحسيناتٍ ملموسةٍ في مجالاتِ التعليمِ والصحةِ والسكنِ اللائقِ، وفي توسيعِ نطاقِ بَرامجَ التحويلاتِ النقديةِ المشروطةِ وجيّدةِ الاستهدافِ، لتوافرِ الحمايةِ الاجتماعيةِ لأكثرَ من 3.8 مليون أسرةٍ فقيرةٍ في عام 2021. كما جدَّدتْ مصرُ التزامَها بتكريسِ دورِ المرأةِ كشريكٍ فعَّالٍ ومتساوِ في تحقيقِ التنميةِ البشريةِ المُستدامةِ.

وهنا أنتهزُ هذه الفرصةَ لأشكرَ فخامَتِكم، سيادةَ الرئيسِ، على دعمِكم القوي لتمكينِ المرأةِ المصريةِ من المشاركةِ على قَدَمِ المساواةِ في جميعِ المجالاتِ السياسيةِ والاقتصاديةِ والاجتماعيةِ، وتعزيزِ سُبلِ حمايتِها من المخاطرِ سَواءَ كانت بالختانِ أو التحرّشِ أو بالتعدّي على حقوقِها في الميراثِ. لقد شكَّل إيمانُكُم بالمشاركةِ الكاملةِ للمرأةِ ركنًا أساسيًا في مسيرةِ التنميةِ ستجني مصرُ ثمارَه لعقودٍ طويلةٍ في المستقبلِ.

وتبَّدى اهتمامُ مِصْرَ الكبيرُ بالحفاظِ على أصولِها البيئيةِ الحيويةِ، خاصةً مواردَها المائيةَ، في سعيِها لإيجادِ حلولٍ مبتكرةٍ لتأمينِ احتياجاتِها المائيةِ المستقبليةِ، وتوجُهِها لإصلاحٍ منظومةِ الطاقةِ، بتحسينِ كفاءتَها وتحويلِها لمصادرَ مستدامةٍ.

واستشرافًا للمستقبلِ، وفي ضوءِ توافقِ رؤيةِ مِصْرَ له مع رؤيةِ خطةِ 2030 للتنميةِ المستدامةِ العالميةِ، وأجِندَةِ إفريقيا 2063، يستعرضُ التقريرُ خطوات ٍعمليةٍ لضمانِ الحقٍ في التنمية، وتشملُ:

  •   تعزيزَ التمويلِ مِن أجلِ التنميةِ.
  •   تطويرَ قاعدةِ المعلوماتِ للتخطيطِ التنمويّ السليمِ.
  •   التوسعَ في التحولِ الرقْميّ وتسريعِ وتيرَتِهِ في الخِدماتِ العامةِ والماليةِ.
  •  تطويرَ المؤسساتِ التنفيذيةِ لتعزيزِ كفاءةِ تقديمِ الخِدماتِ العامةِ وجودَتِهَا.

وفي هذا المقامِ أتقدمُ بتهنئةٍ خالصةٍ لمعالي الوزيرةِ الدكتورةِ هالة السعيد لقيادتِها القديرةِ لعمليةِ إعدادِ التقريرِ، وللدكتورةِ مايا مرسي، مقررةِ التقريرِ، وفريقِ إعدادِ التقريرِ على ثَراءِ التحليلاتِ والبياناتِ التي جمعوها بين دَفَّتَيهِ.

ويُسعدني أن أُعلِنَ التحضيرَ لبَرنامجٍ مشتركٍ مع الحكومةِ المصريةِ بقيادةِ وزارةِ التخطيطِ والتنميةِ الاقتصاديةِ تحت عُنوانِ "بَرنامجِ المسار" لتنفيذِ الآلياتِ المُقترَحةِ في تقريرِ التنميةِ البشريةِ في مِصرَ ٢٠٢١.

وختامًا، بعد خمسِ سنواتٍ من إدارةِ بَرنامجِ الأممِ المتحدةِ الإنمائيّ في مِصرَ، وقد شارَفَت فترةُ عملي على نهايتِها، أودُ أن أسجلَّ أصدقَ مشاعرِ الحبِّ والتقديرِ لمِصرَ وقيادتِها وشعبِها العظيم.

لقد شرّفتني خدمتُكم والعملُ عن كَثَبٍ مع عديدٍ من فِرَقِ عملِكمٍ في جميعِ القطاعاتِ على مستوياتٍ عاليةٍ من الكفاءةِ والالتزامِ والحيويةِ.

وترسَّخ الإعجابُ الكبيرُ الذي طالما كنتُ أُكِنُّه لمِصرَ-تاريخًا وثقافةً وطبيعةً خلّابةً- كما نعِمتُ بتَرحابٍ ودفءِ أُناسِ مِصرَ الطيبين، وأدرَكتُ حقًا ما تعنيه عبارةُ "مصر أُمُّ الدُنيا".

فمصرُ هي فعلًا أُمُّ الدُنيا!