زراعة المستقبل: طريق أحمد إلى الزراعة المستدامة في العراق

10 مارس 2024


في العراق، تعتبر الزراعة النقطة الأساسية في معالجة مشاكل الغذاء وخلق المزيد من فرص العمل، وخاصة في المناطق الريفية، وذلك بفضل قدرتها على مكافحة التدهور البيئي ومعالجة شحة المياه، حيث أثبتت الزراعة المائية أنها الحل الأمثل لإنتاج الغذاء المستدام. وذلك عبر زراعة النباتات بدون تربة واستخدام محاليل مائية غنية بالمغذيات، حيث تعتبر هذه الزراعة مورداً ثميناً في العراق. كما أنها تتيح الزراعة على مدار العام، مما يقلل الاعتماد على أنماط الطقس الموسمية ويخفف من تأثير درجات الحرارة العالية والظروف الصحراوية على المحاصيل.


برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يقوم بتجهيز المزارعين في العراق

و لمعالجة القضايا الزراعية والبيئية الملحة، بدأ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي برنامجاً لبناء القدرات في منطقة الشرقاط بهدف تزويد المزارعين بالمعرفة والمهارات اللازمة لتنفيذ أنظمة الزراعة المائية بشكل فعال، وتعزيز الإنتاجية الزراعية والازدهار الاقتصادي مع تلبية احتياجات العراق.

تعرف على أحمد تركي نايف، أب لطفلين ومزارع من مدينة الشرقاط، والتي تعد ذات أهمية تاريخية تقع شمال بيجي في محافظة صلاح الدين. يمر بالشرقاط نهر دجلة الذي يقسم المدينة إلى قسمين فتكثر على ضفتيه المزارع. تعتبر الشرقاط، المحاطة بالتلال، ارضاً خصبة صالحة للزراعة ومركزاً زراعياً مهماً يتم من خلاله تصدير مختلف المحاصيل والمنتجات إلى المدن المجاورة. كما أن وجود النهر يضمن توفير إمدادات حيوية من مياه الشرب لسكان المدينة.

 

تقنيات مبتكرة تتطلب كميات أقل من المياه

وباعتباره أحد المشاركين في دورات الزراعة الحديثة وتكنولوجيا الاستدامة في الشرقاط، بدأت رحلة التحول بالنسبة إلى احمد. حيث تعرف في هذه الدورات على أحدث الممارسات الزراعية، بما في ذلك الزراعة بالرش الثابت، والزراعة القائمة على التقطير، والزراعة المائية. وبفضل معرفته بالطرق الجديدة، بدأ أحمد تجربته الأولى باستخدام تقنيات الزراعة الحديثة على أرض صغيرة يملكها. إلا أن طموحه يمتد الى أبعد من ذلك، فهو يمتلك رؤية لمشروع زراعي نموذجي ليشمل كامل أراضي صلاح الدين الزراعية.

باستخدام الزراعة بالتنقيط، حقق أحمد نجاحاً ملحوظاً في زراعة المحاصيل الشتوية مثل الشعير والقمح، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الخضروات مثل البصل والثوم والكرفس والسلق. وقد غامر بالزراعة المائية ونجح في زراعة الفراولة ونباتات الزينة، مما سلط الضوء على كفاءة وإنتاجية هذه الطريقة.


""اليوم، أستطيع إنتاج وزراعة العديد من المنتجات بأقل جهد وبأفضل جودة، والتي تنافس المعروض في السوق المحلية، بعد إدخال التقنيات الحديثة إلى مزرعتي. وفي المستقبل، أطمح إلى توسيع نطاق هذه التجربة."

بناء المعرفة من أجل مستقبل مستدام

يفتخر أحمد بإنجازاته، خاصة في تعزيز الممارسات الزراعية الحديثة بين زملائه. ويؤكد على الفوائد الاقتصادية وجودة المنتجات التي يمكن تحقيقها من خلال الأساليب الحديثة ويدعو إلى القضاء على الممارسات التي عفى عليها الزمن. يشكر أحمد برنامج الأمم المتحدة على تسهيل الدورة التدريبية، التي ساعدته على التقدم نحو تحقيق طموحاته الزراعية.

"لقد ساعدتني هذه التدريبات على تحقيق جزء من أحلامي، حيث بدأت أنصح جميع المزارعين بالتخلي عن الطرق القديمة والتقليدية واستبدالها بالطرق الحديثة لضمان الجانب الاقتصادي، وكذلك لضمان المنتج وجودته العالية بأقل جهد وتكلفة ممكنة، أنصح الجميع بالزراعة عن طريق الري بالتقطير لجودتها وكذلك من الناحية الاقتصادية، ناهيك عن تجنب مشاكل الزراعة التقليدية".

حول التدريب: يسعى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى توفير كافة الإمكانيات لتحويل الزراعة من الطرق القديمة إلى الطرق الحديثة في العراق. ومع إدخال تقنيات الري المتقدمة، ودورات تدريبية مثل تلك التي تقدمها شركات مثل هوتر، يستطيع العراق معالجة قضايا المياه وزيادة الإنتاجية الزراعية والاستدامة. حيث تعتبر مبادرات بناء القدرات، كما في الشرقاط، خطوات حاسمة نحو تحقيق الأمن الغذائي ودعم القدرة الزراعية في العراق. تعتبر رحلة أحمد مثالاً على ابتكار ومرونة الزراعة العراقية وتمهد الطريق لمستقبل زراعي مستدام ومزدهر في المنطقة.