حكاية جوزيف: فرصة ثانية للحياة
14 سبتمبر 2025
على درج منزله المتواضع في تلال بلدة البيرة الهادئة في قضاء الشوف، يقف جوزيف، ابن الأربعة والستين عاماً، ويداه تحكيان عمرًا قضاه في خدمة الأرض. رغم الصعوبات، تظل قوته وحكاياته علامة بارزة لصموده وعزيمته.
لعقود طويلة، اعتمد جوزيف على قطيع صغير من الأبقار لكسب رزقه. الحليب الذي تنتجه الأبقار كان قوت عائلته وعائلة ابنه، الذين يعيشون جميعًا تحت سقف واحد. يروي جوزيف: "كنا نعيش مما كانت تعطينا إياه الأبقار. كان جهداً عائليًا، وكنا مكتفين".
لكن الأزمة الاقتصادية لم ترحم أحداً. حين أصاب حفيده مرض خطير، وجد جوزيف نفسه مضطراً لبيع أبقاره وسيارته لتسديد فاتورة علاجه الطارئ
"لم يكن هناك خيار آخر... كان الأهم أن نُنقذ الطفل"
تعافى الطفل، لكن العائلة بقيت بلا معيل وبلا رزق.
اليوم، وبعد أربع سنوات، عاد الأمل مع أربع بقرات حصل عليها جوزيف، إضافة إلى علف وغيرها من المعدات الأساسية.
"كانت فرصة صغيرة أعادت الحياة إلى بيتنا. تربية الأبقار مهنتنا منذ زمن، واليوم أستطيع أن أعيل من جديد أولادي وأحفادي. هذا الدعم يساعدنا على تغطية أقساط المدرسة وتأمين نفقات الحياة اليومية".
تربية الأبقار كانت دائمًا عمل العائلة، والحليب أصبح من جديد قوتها اليومي، ما يكفي للبيت وما يزيد يذهب للبيع. "الحليب يعيلنا، يغذّينا، ويمنح عملنا معنى".
جوزيف ليس وحيداً في حكايته. فبلدة البيرة، وهي جزء من اتحاد بلديات العرقوب والحرف، يقوم اقتصادها أساساً على الزراعة والسياحة الريفية والحِرف التقليدية. غير أنّ سنوات من الاضطراب السياسي والانهيار الاقتصادي والتوترات الإقليمية دفعت بالعائلات إلى صراع يومي من أجل البقاء.
بالنسبة لجوزيف، لم يكن الأمر مجرّد مساعدة مالية، بل فرصة ثانية للحياة. يقول بعزم هادئ: "هذه مجرد بداية... خطوة أولى، لكنها كافية لنعود وننطلق من جديد".
المبادرة التي استفاد منها جوزيف تأتي ضمن مشروع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بتمويل من الحكومة الألمانية عبر البنك الألماني للتنمية (KfW)، هدفها إنعاش الاقتصاد الريفي في اتحاد بلديات العرقوب والحرف.