الاستثمار في التعليم، استثمار في مستقبل العراق

23 يناير 2023

مستعينة بالمواد التوضيحية، معلمة في مدرسة المجاهد العربي الابتدائية تقوم بشرح المواضيع الصعبة لطلابها.

الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

تستعيد مدرسة المجاهد العربي الابتدائية الحياة ببطء بعد أقل من عام من إعادة افتتاحها. بعد أن كانت فارغة ومهدمة ومهجورة بسبب الحرب، أصبحت قاعات المدرسة الآن مليئة بالأطفال المتشوقين إلى التعلم. مع أكثر من 400 طالب، فأن ممرات هذه المدرسة وساحات اللعب الخاصة بها تكون ممتلئة في اغلب الاوقات. يجتمع الأطفال سوياً للقراءة أو للعب كرة القدم أو مجرد قضاء بعض الوقت معاً.

ان مرافق المدرسة قد تحسنت كثيراً، وقاعاتها الآن مكيفة وذات تهوية جيدة؛ وفيها لوحات وملصقات تعليمية ملونة ومقاعد مدرسية وكراسي جديدة والممرات والسلالم والمراحيض نظيفة ولامعة، ومكتبة مليئة بالكتب إضافةً الى توفر المياه الصالحة للشرب في كل مكان.

أصبحت مدرسة المجاهد العربي الابتدائية ملاذاً آمناً للشعراء والعلماء والمهندسين والأطباء الناشئين، وكذلك لمعلميها وموظفيها المجتهدين.

يقول سيف سعد فاضل البالغ من العمر 12 عاماً، والذي يهتم بشكل اساسي في حل المسائل الرياضية: "إنه شعور جميل أن أعود إلى المدرسة". "كل يوم أتعلم شيئاً ما وأبني علاقة أقوى مع أصدقائي من خلال هذه المدرسة".

 

يستمتع سيف وأصدقاؤه بفصولهم الدراسية ومقاعدهم المدرسية وكراسيهم الجديدة، وهم متحمسون جداً لدروسهم كل يوم.

الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

ان التغير الكبير الحاصل في غرفة أعضاء هيئة التدريس والمبنى الإداري ادى الى رفع معنويات المعلميين والموظفين، من الواضح أن البيئة المدرسية الممتعة والمرافق الجديدة أحدثت فرقاً كبيراً.

خلال الصراع ضد داعش، تضررت المدارس كثيراً. أُجبر العديد من الشباب العراقيين إما على ترك المدرسة أو الاستمرار في الدراسة في المنزل أو في فصول دراسية مكتظة.

يتذكر محمد قصي محمد، ذو 13 عاماً، كيف كانت مدرسة المجاهد العربي الابتدائية بعد النزاع. "كانت المدرسة مدمرة. تم تدمير معظمها. حتى اننا لم نتمكن من اخذ اي فصول دراسية فيها ".

" الطلاب والمعلمون أكثر حماساً للذهاب إلى المدرسة، حتى الآباء لاحظوا هذا التحول الملموس في سلوك أطفالهم ". - يقول المدير رشيد عبيد زيدان

قاعات مدرسة المجاهد العربي الابتدائية في الكرمة، الأنبار بعد إعادة تأهيلها.

الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

مصمماً على إكمال دراسته ليكون مدرساً، تلقى  محمد، مثله مثل معظم الأطفال في منطقة الكرمة داخل الأنبار، دروساً في فصول دراسية مؤقتة (كرفانات). "لم تكن هناك مقاعد مدرسية. كان هناك عدد كبير من الطلاب في كرفان واحد. وكانت الدراسة صعبة جداً".  

قام مدرس المادة الإسلامية علي جبار محمد وزملاؤه المعلمون بتحويل منازلهم إلى فصول دراسية لجعل طلابهم يشعرون براحة أكبر. لكن المساحة لا تزال غير ملاءمة للتعليم. ان المساحة المزدحمة والضوضاء القوية في الصفوف الخلفية تجعل من الصعب على الطلاب فهم هذه الدروس.

تجددت آمال محمد وعلي عندما بدء البرانامج إعادة تأهيل المدرسة، حيث حرص محمد وعلي كل أسبوع على المرور وقضاء بعض الوقت بالتمعن بمدرستهم عندما كان المهندسين والنجارين والبنائين يعملون على بناءها، "شاهدتها أثناء إعادة بنائها. أنا مندهش لما اصبحت عليه الان. "

مع تحديث المباني والمعدات، يرى علي مستقبلاً مشرقاً لمدرسته ويتوقع أن يبذل الأطفال قصارى جهدهم وأن يقدم المعلمون أداءً جيداً: "ان السنوات القادمة ستكون جيدة. الجميع يحب مدرستهم الجديدة. أنا متحمس جداً لرؤية ما سيضيف هذا التجديد من تأثير إيجابي على تعلم الأطفال ومستقبلهم. "

يلقي علي كل أسبوع 12 محاضرة على الأقل لخمسين طالب.

الصورة: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق

بالنسبة للاستاذ حفظي حميد رشيد، مدير قسم تربية الكرمة، فإن إعادة بناء المدارس أمر بالغ الأهمية، لكنها البداية فقط. مع تضرر أكثر من 300 مدرسة في الأنبار (60 في الكرمة) بسبب الصراع، لم ينته العمل بعد.

ويقول السيد حفظي: "تحافظ الحكومة على جودة التعليم كأولوية. سنواصل إعادة تأهيل المدارس وبناء المزيد من الفصول والملحقات وقاعات الامتحانات تزامناً مع تزايد عدد السكان، كما سنزود المدارس بالإمدادات اللازمة ونعمل مع المعلمين لتعزيز النظام الحالي والمناهج والوحدات".

حتى كانون الثاني، تم اعادة تأهيل 207 مدرسة في الأنبار، منها 53 مدرسة في الكرمة، وفي جميع أنحاء العراق، قام برنامج اعادة الاستقرار للمناطق المحررة التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي باعادة تاهيل 617 مدرسة، يوجد 162 مدرسة في الأنبار، بما في ذلك مدرسة المجاهد العربي الابتدائية.

“ " التعليم هو المنارة التي تقود العراق نحو السلام والتنمية، أطفالنا هم من سوف يحدد مستقبل العراق، من خلال التعليم، يمكننا توجيههم الى الطريق الصحيح ونجعل منهم قادة رفيعي المستوى يعرفون اهمية التنوع والديمقراطية ". - الاستاذ حفظي
حول البرنامج: يصادف يوم 24 كانون الثاني اليوم العالمي للتعليم. مع موضوع هذا العام، «الاستثمار في الناس، وإعطاء الأولوية للتعليم»، يساند برنامج الأمم المتحدة الإنمائي المعلمين والأبطال الذين يعملون على تحويل التعليم نحو السلام والتنمية المستدامة. كان لدى العراق أحد أفضل أنظمة التعليم في الشرق الأوسط. والتعليم الابتدائي إلزامي والتعليم العام مجاني على جميع المستويات. ومع ذلك، تسببت عقود من الصراع في تدهور كبير في نظام التعليم. ويعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع حكومة العراق على اعادة تأهيل المدارس. حتى الآن، قام برنامج اعادة الاستقرار للمناطق المحررة التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي باعادة تأهيل 396 مدرسة ابتدائية، و 199 مدرسة ثانوية، و 22 روضة أطفال، وسبع جامعات، وتسع كليات تقنية. تم تمويل إعادة تأهيل مدرسة مجاهد العربي الابتدائية للبنات والبنين في الكرمة من قبل وكالة التنمية الدولية الأمريكية.