افتتاح أول مركز يمني لعلاج الحمّيات والامراض المعدية في الحـديـدة

8 أغسطس 2022
UNDP Yemen Hodeidah Althawrah Hospital

ممرضو المركز يقدمون الرعاية الصحية للمرضى

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن / 2022

ساهم الصراع الدائر في اليمن - والذي يدخل عامه الثامن – في خلق أحد أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم كما تقول الأمم المتحدة. فلطالما كان اليمن يرزح تحت وطأة الاضطرابات السياسية ويعاني من عدم الاستقرار الاقتصادي ونظام الرعاية الصحية الهش.

لقد دمر النزاع الدائر البلد برمتها، ولم تسلم الحديدة – أحد المدن الساحلية المهمة التي تُعتبر العمود الفقري للاقتصاد اليمني - من آثاره. وباعتبار المدينة أحد المنافذ الرئيسية التي تدخل عبرها معظم السلع الغذائية والمساعدات الطبية إلى اليمن، فإن تداعيات ذلك شملت جميع أنحاء البلاد.

على الرغم من أهميتها، فقد عانت مدينة الحديدة من انخفاض كبير في مستوى خدمات الرعاية الصحية بسبب العدد المحدود للمرافق الصحية العاملة. وعلى إثر ذلك أصبح مستشفى الثورة العام هو المزود الرئيسي للخدمات الصحية في مدينة غالبًا ما تكون مهددة بالأمراض والأوبئة ولذا لم يستطع تلبية الطلب المتزايد على الخدمات الصحية. ولكن الآن، وبدعم من المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي وبالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والصندوق الاجتماعي للتنمية، تم بناء مركز طبي جديد للحمّيات اعتمادًا على مساهمة الأطباء العاملين فيه لتحديد احتياجاته.

استمرت الأزمة الإنسانية في اليمن بالتفاقم بمرور السنين، ويعاني أبناء الحديدة من ارتفاع معدلات الجوع وسوء التغذية الحاد. كما يشكل الارتفاع المستمر في معدل البطالة تحديًا للفرد والمجتمع؛ مما يؤدي إلى تفاقم وضع صعب بالفعل بالنسبة للكثيرين. حتى الخدمات الأساسية مثل الكهرباء لا يمكن الاعتماد عليها مع الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي مما يجعل سكان المحافظة يعانون من شدة الحرارة أثناء موجات الحر الصيفية الحارقة. أضف إلى ذلك جائحة فيروس كورونا المستجد، وتفشي عدد من الأمراض المعدية مثل الدفتيريا وحمى الضنك والملاريا والكزاز والسل والسارس والالتهاب الرئوي.

 

تخفيف الضغط على المستشفى العام

كان لغياب مركز طبي متخصص في السيطرة على الحمّيات والامراض المعدية في الحديدة تداعيات كبيرة. تشير الإحصائيات الطبية الصادرة عن مستشفى الثورة إلى أنه في الفترة ما بين نوفمبر 2019 ومارس 2020 استقبل المستشفى أكثر من 5,200 حالة مصابة بأحد أمراض الحمّيات وأكثر من 50 حالة وفاة. وللأسف، كان الأطفال هم الفئة الأشد تأثرًا حيث بلغ معدل الوفيات 70 ٪. ومع الافتقار لوجود مركز متخصص، تم استقبال المرضى المصابين بالحمّيات والامراض المعدية في مبنى المستشفى الرئيسي مما أدى إلى الاكتظاظ وارتفاع خطر تفشي الأمراض بين المرضى- وهو الوضع الذي ازداد سوءًا إبّان تفشي فيروس كورونا المستجد.

تقول يمان فتاح، مسؤولة المشاريع الصحية في الصندوق الاجتماعي للتنمية في الحديدة: " إن المركز الجديد ذو أهمية كبيرة لأنه يخفف من الاكتظاظ في المستشفى ويساهم في استيعاب المزيد من المرضى". وأوضحت أنه في السابق كان هناك مشروع لمركز طبي "متعثر" فتم استخدام ذلك المبنى بعد إعادة تأهيله وتجهيزه وفقًا لأحدث معايير وأنظمة الرعاية الصحية.

ويوافقها الرأي الدكتور أحمد معجم، نائب رئيس مستشفى الثورة، مؤكدًا على أن الاكتظاظ كان مشكلة في السابق لأن المستشفى يستقبل مرضى الحمّيات من أربع محافظات وهي المحويت وحجة والحديدة وريمة. فقد مرت أوقات نفدت فيها الأسّرة في المستشفى مما جعلها غير قادرة على استقبال المرضى الذين يحتاجون إلى الرعاية. ويتذكر تلك الفترة قائلاً: "لجأنا إلى إفراغ الأقسام الطبية الأخرى لاستقبال المرضى. حتى الممرات كانت مكتظة بالمرضى؛ لأنه لم تكن هناك أي أسّرة شاغرة."

 

مركز متكامل لعلاج مرضى الحميات والامراض المعدية

تم تجهيز المركز الجديد بأنظمة أكسجين طبية حديثة بالإضافة إلى نظام لتنقية الهواء وإزالة التلوث للحد من انتقال العدوى. ومن المتوقع أن يستقبل المركز حوالي 120 مريضًا يوميًا وسيوفر الخدمات الطبية والصيدلية الطارئة بالإضافة لوجود مشرحة مستقلة تابعة للمركز.

ينصب تركيز المركز على التشخيص السريع للأمراض وهي أداة أخرى لمكافحة الحميات والامراض المعدية ولها دور فعال في الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد. يقول الأستاذ الدكتور محمد الكمراني المستشار العلمي الطبي والوبائي في مركز طب المناطق الحارة والأمراض المعدية بالمستشفى: "يسهل المركز تشخيص وعلاج الأمراض المعدية والوبائية لأنه يمكننا من إتباع نهج علاجي قائم على التشخيص مما سيساهم في خفض معدل الوفيات المرتبطة بالأمراض المعدية والوبائية. "

لكن افتتاح مركز خاص للتعامل مع الحمّيات على وجه التحديد لا يكفي، فالوقاية ورفع الوعي المجتمعي هما أمران أساسيان في مكافحتها. مستدلاً بتفشي مرض الدفتيريا الذي بدأ في نهاية عام 2017، يشرح الدكتور الكمراني كيف أن العلاج والوقاية هما مفتاح مكافحة الأمراض المعدية. فقد بلغ عدد الحالات في المدينة ذروته بــ 319 حالة مسجلة في عام 2019، ولكن مع تدخل حملات التحصين الطبي انخفض العدد إلى 167 حالة في عام 2020. كما صاحب ذلك انخفاض في عدد الأشخاص الذين يموتون بسبب هذه الأمراض. يقول الدكتور الكمراني: "إن معدل الوفيات المرتبطة بالحمّيات والامراض المعدية قد انخفض بنسبة 47 ٪ مقارنة بالأمراض الأخرى، وهو رقم ضخم. سيساعدنا المركز الجديد في السيطرة على انتقال العدوى والمساهمة في إنقاذ حياة المرضى."

وأوضح الكمراني أنه تم تدريب 26 فردًا من الكادر الصحي في المركز بالشراكة مع الجهات الأكاديمية والطبية للمساعدة في السيطرة على الحمّيات. كما يتبع المركز دليل علاج فعال وخطة علاج نموذجية لإدارة حالة المريض منذ وصوله وحتى مغادرته للمركز.

وبالإضافة إلى ذلك، تعد حماية الصحيين عند علاج الحمّيات أمرًا أساسيًا – وهي قضية دفعها تفشي فيروس كورونا المستجد إلى الواجهة. إن المركز مزود بوسائل وقائية حديثة ويشتمل على وحدة عزل متخصصة تساعد على حماية الأطباء من التعرض للعدوى.

 

بصيص من الأمل

اُعجبت أزهار إسماعيل، والدة الطفل إسماعيل البالغ من العمر ثلاث سنوات، بمستوى الرعاية الصحية المقدمة في المركز. فلم تكن تتوقع أن يكون المركز مجهزاً بالكامل ومزودًا بعدد كافٍ من العمال الصحيين.

وتقول أزهار: "أحضرت ابني إسماعيل إلى المركز حيث كان في حالة صحية سيئة للغاية.. لقد كان يعاني من التهاب في الحلق وارتفاع في درجة الحرارة وكنت قد فقدت الأمل في شفائه. تعافى ابني بعد 12 يومًا من دخوله المركز ويعود الفضل في ذلك إلى جهود الطاقم الطبي الذي يعمل في المركز."

يشتمل المركز على مكتب الاستقبال وقسم الطوارئ ووحدة للأمراض المنقولة بالنواقل (لعلاج مرضى الملاريا وحمى الضنك والشيكونغونيا) وقسم الرقود ووحدة عناية مركزة ووحدة عزل ووحدة أشعة تشخيصية ووحدة بيولوجية ومختبر الدم والكيمياء الحيوية وغرفة عمليات وغرفة مناوبة.

 
بتمويل ودعم من المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي ، عمل الصندوق الاجتماعي للتنمية و مشروع الأشغال العامة، بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على تنفيذ مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن، حيث وفر المشروع الذي بلغت تكلفته 400 مليون دولار أمريكي، محفزات اقتصادية، عبر مشاريع النقد مقابل العمل واسعة النطاق، ودعم الأعمال التجارية الصغيرة، والمبادرات ذات العمالة الكثيفة المرتبطة بالمشاريع الاجتماعية والاقتصادية، مما يعود بالفائدة على الأسر والمجتمعات المحلية المتضررة من الأزمة المستمرة في اليمن.