فيروس كورونا في بلد تطحنه الحرب: كيف يساعد مشروع الاستجابة الطارئة اليمنيين على الصمود والتعافي

تريسي فيينينغز ، مدير مشروع YECRP

11 أغسطس 2020

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن

في بلد دمرتها الصراعات، يدفع وباء كوفيد - 19 الوضع في اليمن إلى حافة الانهيار، مما يخلق آثار اجتماعية واقتصادية مدمّرة، تخلّف ورائها جروحاً دائمة في اليمن. لقد عانى نظام الرعاية الصحية في البلاد من الإجهاد بعد خمس سنوات من الصراع، ومع توافر فقط 51٪ من مراكزه التي تعمل بكامل طاقتها، هناك ستة مراكز للفحص فقط متاحان، في ظل إمدادات محدودة بالأدوية والمعدّات، والمياه النظيفة والصرف الصحي ومعدّات الحماية الشخصية المتوفرة - ما يجعل اليمنيين عرضة بوجه خاص لخطر مرض شديد العدوى.

البلد الذي يُعد سلفاً  المكان الأكثر احتياجاً على وجه الأرض، صارع  اليمن جاهداً لمكافحة تفشي وباء الكوليرا والملاريا وحمى الضنك قبل الإبلاغ عن ظهور أول حالة  كوفيد -19 في شهر ابريل. والأكثر من ذلك، يؤدي ضعف أجهزة المناعة إلى تفاقم معدلات الشفاء والبقاء على قيد الحياة. حتى الآن، أبلغت الحكومة عن أكثر من 1,800 حالة اصابة مؤكدة وأكثر من 500 حالة وفاة، على الرغم من أن الأرقام " قد تكون من المؤكد أعلى من ذلك بكثير" نظراً لعدد مجموعة أدوات الفحص المحدودة. هناك فرصة عاجلة لدعم اليمن للاستجابة والتخفيف من اثار هذا الوباء. 

منذ اندلاع الصراع في مارس 2015، نزح أكثر من 3.6 مليون شخص، وثلثهم يعيشون في مخيمات ومناطق عشوائية مكتظة وتفتقر إلى المرافق الصحية المناسبة. وهناك ما يقرب من 7.4 مليون يمني هم في حاجة لخدمات العلاج والوقاية من سوء التغذية، بما في ذلك 2 مليون طفل. وبما أن اليمن تعتمد على الواردات لــ 80-90% من احتياجات مواطنيها الأساسية، فإنها معرضة بشكل خاص للاضطرابات الناجمة عن الجائحة التي لحقت بالاقتصاد العالمي والقيود المفروضة على حركة السلع.  

ولذا فإنه من الأهمية بمكان أن لا تتوقف المساعدات الإنسانية والتنموية، التي تُقدَّم لملايين اليمنيين، خلال فترة الجائحة.

على الرغم من الدمار، نجح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في استغلال برامجه ومشاريعه الجارية، خاصة مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن ، لمساعدة الناس في التأهب للجائحة والتغلب على الأزمة التي قد تنجم عنها.    

دعم جهود الصمود والتعافي في اليمن

تستدعي الجهوزية والاستجابة لكوفيد - 19 والتعافي منه في بلد تطحنه الحرب، بذل جهودٍ منسقة للصحة العامة على المستويات المحلية والوطنية والدولية لضمان القيام بإجراءات سريعة وفعالة ومحددة الأهداف. وبالاسترشاد بأحدث الأدلة مع التركيز على التقيد بحقوق الإنسان، ساعد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي معظم الفئات الضعيفة في العالم خلال فترة تفشي أمراض وجوائح سابقة.

إن شراكتها الحالية مع البنك الدولي - من خلال مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن بقيمة 400 مليون دولار أمريكي، الذي ينفذه الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة – اعادة النشاط للاقتصاد اليمني ودرء خطر المجاعة ونقص الغذاء منذ العام 2016 من خلال مشاريع النقد مقابل العمل والأجور واسعة النطاق ودعم مشاريع الأعمال الصغيرة واصلاحات البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية الأساسية.

من خلال هذ الشراكة وهذا المشروع، تم توفير فرص عمل لما يقرب من اربعمائة ألف يمني وتزويدهم بأموال عاجلة لشراء الطعام وتوفير حياة كريمة لعائلاتهم، بينما حصل 5 ملايين شخص على خدمات حيوية، مثل المياه والغذاء والصحة والتعليم والطرق لستفيد من ذلك المجتمعات الضعيفة في أكثر من 300 مديرية من الـ 333 مديرية في اليمن في جميع المحافظات اليمنية الـ 22.

ولتمكين استجابة أسرع لجائحة كوفيد - 19، يقوم مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن بتعزيز الحماية الاجتماعية من خلال توسيع نطاق تغطية البرامج القائمة، بما في ذلك المساعدات الغذائية والتحويلات النقدية المباشرة والنقد مقابل العمل وخطط العمل العامة. يتم تنفيذ خطة استجابة مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن لكوفيد -19 عبر الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووفقاً للمبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية.

القدرة على التوريد

ستهدف مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن المشاريع الصغيرة والمتوسطة المتضررة من كوفيد من خلال تقديم تمويلات طارئة ومنح عينية وتوعية شعبية ومستلزمات النظافة، بالإضافة إلى تسهيل الخدمات البنكية عبر الهاتف المحمول. لقد قامت وحدة خدمة تعزيز المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر على وجه التحديد، بتكييف مخطط مشروعها لتقديم التحويلات النقدية المباشرة إلى 8,645 مزارع وصياد ومربي للحيوانات لتغطية تكاليف البذور والأسمدة ومعدات التعقيم. تلقى ما يقرب من 1,000 مزارع وصياد ومربي للحيوانات تحويلات نقدية للاحتراز من الآثار المترتبة عن كوفيد - 19، فضلاً عن تقديم المساعدة الفنية لصيانة وتحسين انتاجيتهم في مواجهة الجائحة الطارئة.

ولدعم الانتاج المحلي من الأغذية لأكثر من 50,000 أسرة، تركز المشاريع الفرعية الجديدة على استصلاح الأراضي والحدائق المنزلية وخزانات المياه المنزلية. ويتم تعيين العمال غير الماهرين من المجتمع المحلي ذاته، ويتم جلب العمال ذوي المهارات (حسب الحاجة) من القرى المجاورة / المناطق التي تكون خالية من الفيروس. ويتلقى المستفيدون بالإضافة إلى ذلك المشورة الفنية والتوعية على كوفيد - 19 من خلال المستشارين في الميدان.

مساعدات نقدية

الطريقة الأسرع للمساعدة في حال تفشي الجائحة والحجر الملائم له تتم عبر المساعدة النقدية الكبيرة متعددة الأغراض وغير المشروطة. وهذا هو السبب وراء خطط مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن لزيادة المساعدات النقدية إلى 100,000 أسرة والتي لديها: أطفال تقل أعمارهم عن سن الخامسة؛ وحوامل ومرضعات ومسنّون و/أو من ذوي الإعاقة.

في الحديده لوحدها، تلقّت أكثر من 47,300 امرأة حاملة ومرضعة والتي لديهن أطفال يعانون من سوء التغذية مساعدة نقدية (60,000 أو ما يقرب من 120 دولار أمريكي) لمدة ثلاثة أشهر. ويتبقى 53,000 امرأة موزعة على سبع محافظات أخرى (أبين والمحويت وحضرموت وحجة ولحج وشبوه) وهن نساء يجري تسجيلهن لتلقي مساعدات نقدية بحلول شهر سبتمبر 2020م.

إدارة المعلومات

نظراً لضعف الوسائل الاعلامية في اليمن وانعدام الثقة، من الصعب تقديم رسائل لتغيير السلوك . وفقاً لذلك، قام برنامج تمكين التابع للصندوق الاجتماعي للتنمية، والمدعوم من مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن بالاستفادة من شبكات المجتمع المحلي العاملة على الصعيد الوطني والمحلي والتنسيق عن كثب مع السلطات الصحية المحلية، لإعداد اليمنيين لمواجهة كوفيد - 19.

ولتوعية العامة والمشاركة في توزيع الغذاء وتقديم المساعدة للأسر الخاضعة للحجر الصحي، تم تدريب 4,000 شاب تم اختيارهم من برنامج روافد للشباب التابع للصندوق الاجتماعي للتنمية وتوظيفهم لهذه المهمة. قاموا بالترتيب لجلسات وزيارات منزلية من خلال 2,500 موظفة تثقيف مجتمع محلي ومايقرب عن 6,000 عضواً من الشباب، الذين وصلوا إلى ما يقرب من 54,000 مستفيد مباشر. وتم وضع ما يقرب من 10,000 ملصق أيضاً في أماكن عامة ومواقع النقد مقابل العمل لرفع الوعي بجائحة كوفيد – 19؛ وتم تشجيع الممارسات الوقائية من خلال توزيع أطقم أدوات تحتوي على الكمامات والصابون والكلور والمعقمات.

تماشياً مع المبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية ولجان الطوارئ الوطنية، حرص المثقفين والمثقفات على التباعد الاجتماعي وتجنب تجمع المواطنين بأعداد كبيرة.

دعم سبل العيش وتقديم الخدمات

سيستمر مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن في تسهيل القدرة على الصمود ومساعدة المواطنين في توفير سبل كسب العيش من خلال التحويلات النقدية ومشاريع النقد مقابل العمل. تم تحديد الأسر المستضعفة والمشاريع المتوسطة والصغيرة المتأثرة بصورة مباشرة من تفشي كوفيد - 19 كأولوية للحصول على الدعم.

تماشياً مع الهدف الأوسع المتمثل في الحفاظ على الاستقرار أثناء الجائحة وإعادة البناء لما بعد الحرب، تم حتى الآن تقديم كمامات ومعقم أيدي، فضلاً عن التوعية للوقاية من كوفيد – 19 لـ 10,400  عامل وعاملة في برنامج النقد مقابل العمل. ركزت المشاريع على بناء خزانات حصاد مياه الأمطار وإصلاح الطرقات وحماية الأراضي الزراعية؛ وقد تنوّعت لتشمل غرس الاشجار وطلاء الأرصفة والتنظيف. كما يقوم مشروع الاشغال العامة ببناء 50 مرحاضاً في المراكز الحضرية الكثيفة للغاية، مزوّدة بمرافق غسل اليدين. وهذا الأمر يتماشى بالمحاذاة مع الهدف الأوسع للحفاظ على الاستقرار طوال فترة الجائحة وإعادة البناء لفترة ما بعد الحرب.

يلعب مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن دورًا مهماً في مساعدة اليمنيين الأكثر تضرراً على التعامل مع آثار الحرب ويقوم بدور حيوي في مساعدة اليمن على الاستجابة للوباء وايضاً الاستعداد للتعافي من الأثر الاقتصادي والاجتماعي المدمر.

***

بتمويل وبدعم من البنك الدولي ، يتم تنفيذ مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن من قبل الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. يوفر هذا المشروع الذي تبلغ تكلفته 400 مليون دولار أمريكي حوافز اقتصادية عبر مشاريع النقد مقابل العمل واسعة النطاق، ودعم الأعمال التجارية الصغيرة، والمبادرات ذات العمالة الكثيفة المرتبطة بالمشاريع الاجتماعية والاقتصادية، مما يعود بالفائدة على الأسر والمجتمعات المحلية المتضررة من الأزمة المستمرة في اليمن.