رحلة من الإنجازات والطموحات لإمرأة من القطاع العام - شغف في ضمان إدماج النوع الإجتماعي

21 أكتوبر 2019

ورشة عمل حول اداة تقييم منظور النوع الاجتماعي في مؤسسات القطاع العام. تصوير:برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق/2019

 

سندس عباس
مستشارة النوع الإجتماعي

على الرغم من تفوقها الدراسي حيث كانت دائماً من الاوائل في كلية الادارة والاقتصاد/جامعة بغداد، الا ان الظروف الصعبة التي مرت بها في مختلف الأصعدة آنذاك حالت دون مواصلة ما تصبو اليه في الحصول على درجة الماجستير والدكتوراه ومع ذلك فقد اثبتت جدارتها وتفوقها في مجال عملها لتعكس بذلك صورة مشرقة عن إصرار المرأة العراقية العاملة في القطاع العام على التميز والتفوق؛ إنها السيدة عقود حسين، مدير عام دائرة التنمية البشرية في وزارة التخطيط.

وفي نقاشها مع سندس عباس مستشارة النوع الاجتماعي في برنامج الأمم المتحدة الانمائي، ذكرت السيدة عقود حسين بانها وكإمرأة عاملة في العراق ومن اجل تحقيق التوازن ما بين مسؤولياتها الشخصية ومتطلبات العمل فأنها حاولت ومازالت دائماً أن تحقق التوازن وان لا تتنازل عن طموحاتها، فقد عاشت المراحل المتتالية من الحروب والحصارات وفقدان الأقارب والأصدقاء، بل والضغوطات من اكثر من جانب بإتجاه تحجيم طموحها وتصغير احلامها لتكون كأي امرأة عادية في مجتمع شرقي تقليدي يضع النساء في صور نمطية محددة ومحدودة جداً.

وجدت السيدة عقود فرصة كبيرة من خلال  مساهمتها وفريقها وبدعم من  برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في كتابة تقرير العراق حول اوضاع النساء واجندة التنمية 2030 وركز هذا التقرير الذي حظي بإشراف مباشر من معالي وزير التخطيط على أهمية دعم الشركاء المحليين من القطاعين الحكومي وغير الحكومي لتعميم المساواة بين الجنسين بالشكل الذي يدعم تحول المرأة الى مكون فعال في صنع السياسات وتحديد آليات التنسيق المؤسسية مما يؤدي الى إمكانية دمج القضايا المتعلقة بالنوع الاجتماعي في الإدارات العامة المختلفة فيعزز بذلك نهج الحكومة، كما يعد الوثيقة الاولى التي تجسد واقع المرأة العراقية في ضوء معطيات أهداف التنمية المستدامة 2030.

لطالما تحتم على المرأة الطموحة ان تناضل وعلى اكثر من جبهة بسبب غياب برامج التمكين خلال 1980-2000. فرغم الصعوبات التي واجهتها خلال رحلتها المهنية، فهي تُشير دائما باعتزاز الى الزملاء الرجال الذين اتسموا باحترامهم للمرأة، مما يؤكد دائماً أهمية وجود رجال داعمين للنساء، ولم تخف السيدة عقود التمييز الذي كانت تستشعر ملامحه في ظل ظروف إجتماعية داعمة غالباً للرجل، مما حدا بها الى تشجيع المرأة العاملة بأن تكون مؤمنة بأهمية التمكين، وان يكون صوتها مسموع وان يكون حضورها فاعل ومشاركتها ذات أثر في إغناء النقاشات والتحاور.

وفي الإطار نفسه اشارت السيدة عقود الى دعم السيد وكيل وزارة التخطيط لتبنيها وفريقها لأداة ادماج منظور النوع الاجتماعي في المؤسسات العامة خلال 2018-2019 وهي أداة تم تطويرها من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للمساعدة في إنشاء خط أساس لوضع المؤسسات الحالي والذي من شأنه المساعدة في اتخاذ قرار بخصوص الأولويّات التي يجب ان تعمل المؤسسة على إرسائها في السنوات القليلة المقبلة. كما يكمن هدف الأداة في قياس التقدّم الذي أحرزته المؤسسة على صعيد تحقيق الأهداف والأولويات في مجال المساواة بين الجنسين. وتم اختيار العراق ليكون ضمن الدول التي انبرت لتجريب هذه الاداة الفريدة لخلق التنافس بين مؤسسات القطاع العام في مراجعة برامجها وخططها من حيث إدماج النوع الاجتماعي فيها، أذ تعتقد انه من الضروري تعميمها على المؤسسات كافة.

وذكرت السيدة عقود بأنها تعتقد بأن اهم السبل الفعالة نحو تمكين النساء اقتصادياً يمكن تلخيصها بتأهيل المرأة وبناء قدراتها بشكل متواصل اضافة الى توفير فرص العمل لها دون تمييز واعطاءها الاولوية في الحصول على هذه الفرص مع الأخذ بعين الاعتبار ان معدل بطالة الإناث اكثر من ضعف معدل بطالة الذكور، مبينة أهمية تشجيع النساء على العمل في القطاع الخاص وتوفير فرص العمل اللائقة مع تسهيل اجراءات منح النساء قروض لإنشاء مشاريع صغيرة مدرة للدخل خاصة للأرامل والنساء المعيلات لاسرهن، فضلاً عن اهمية الإرادة السياسية لتبني برامج التمكين الاقتصادي الحقيقية والمبتكرة والتي تلبي احتياجات النساء، لكنها تعتقد ان الطريق مازال طويلا وبحاجة الى جهود متواصلة .

ومن المنجزات الاخرى التي تفتخر بها السيدة عقود مساهمتها في تأسيس مجلس اعلى للسكان عام 2013  حيث ان العراق يعد من الدول عالية النمو السكاني. على صعيد اخر، ذكر الدكتور ضياء كاظم، أحد زملاء السيدة عقود في الوزارة حيث عملا معاً ما يربو على عشرة سنوات: “عقود، امرأة كفؤة ومثابرة ذات مهارات قيادية تعمل دائماً بجد، وتتمتع بمحبة واحترام الجميع وذلك لشخصيتها اللطيفة القريبة من القلب". بينما اشارت السيدة فوز صالح: "إنني لا اعتبر السيدة عقود مجرد مديرة بالقدر الذي اراها فيه قائدة فريق ناجح جداً حيث انها تشجعنا دائماً على الابداع. لقد تعلمت من السيدة عقود الحرص والدقة."