قوة الشراكة: توسيع نطاق التعافي والصمود في اليمن

30 مارس 2022

Photo from YECRP Archive. | Photo Credits: UNDP Yemen / 2021

وصف الصراع القائم منذُ سبع سنوات وأزمة اليمن المستمرة بأنها واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

يعيش اليمنيون حياة بائسة ولم يعرفوا يومًا الراحة منذُ بدء الصراع في مارس 2015، يواجه الكثيرون صعوبة في العثور على الغذاء والأدوية والمأوى والعمل وتغطية احتياجاتهم الأساسية. وما زاد الأمر سوء هو تضخم الأسعار إلى الحد الذي لا يستطيع فيه المدنيون تحمل تكلفة قوتهم الأساسية.

يعاني أكثر من 17 ملايين شخص في اليمن من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي، بينما يحتاج ما يقرب من 2.2 مليون طفل دون سن الخامسة إلى علاج فوري بسبب سوء التغذية الحاد.

لم يكن اليمن في حال أفضل حتى قبل النزاع؛ وذلك بسبب عدم الاستقرار والاقتصاد المتدهور والبطالة المزمنة واعتماده على السلع المستوردة لما يصل إلى 90 في المائة من طعامه و70 في المائة من وقوده.

ومع ذلك، فقد دمر الصراع الذي طال أمده سبل العيش والأعمال التجارية، فقيمة العملة اليمنية في انخفاض مستمر، وأزمة الوقود مستمرة، وكثير من العاملين في القطاع العام لا يتقاضون رواتبهم، والنظام الصحي غير قادر على التعامل مع جائحة كوفيد-19 والأوبئة الأخرى.

لقد أدى كل ذلك إلى تفاقم الأعباء الثقيلة التي يتحملها اليمنيون، فغالبًا ما ينتشر القلق ويتخذ شكل الضيق النفسي؛ بسبب المخاوف المتعلقة بسبل العيش، وتعليم الأطفال وصحتهم، والتكاليف المرتبطة بتكلفة الغذاء والسكن، وما إذا كان عليهم الفرار مرة أخرى من النزاع أم لا.

يُصنف اليمن كدولة هشة تقع في أسفل العديد من مؤشرات التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية حيث عانى اليمن من الصراع والحروب وعدم الاستقرار لعقود. إن انتشار الفقر والجوع والبطالة يتجاوز معاناة الفرد، مؤثراً على النسيج الاجتماعي، والشعور بالانتماء للمجتمع، والشعور بالكينونة.

 

أكثر من نصف عقد من الشراكة

في مواجهة هذه الظروف الصعبة، يعمل البنك الدولي - بتمويل من المؤسسة الدولية للتنمية -مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن ومع المؤسسات الوطنية: الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة منذُ عام 2016 من أجل مساعدة اليمنيين على تقليل الاعتماد على المساعدات وتحسين اعتمادهم على الذات واستعادة كرامتهم.

من خلال مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن والذي تبلغ تكلفته 400 مليون دولار أمريكي، أدرك البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أنه إذا تم توفير فرص العمل وسبل العيش وزيادتها للفئات الأكثر ضعفًا بما في ذلك الشباب والنازحين داخليًا؛ عندها ستصبح الأسر أقوى وأكثر قدرة على التكيف وقادرة على المساعدة والمساهمة في مجتمعاتها.

إن تأثير مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن كبيرًا في جميع أنحاء اليمن، حيث ساعد الأسر والمجتمعات المحلية على استعادة الوصول إلى الخدمات الرئيسية، وكسب الأجور للسماح لهم بشراء الاحتياجات الأساسية لأنفسهم وأسرهم، ودعم أعمالهم التجارية الصغيرة والأصغر لتحسين دخلهم ومواصلة السلع المحلية والخدمات، والأهم من ذلك استعادة كرامتهم.

خلق فرص عمل لإعادة البناء بشكل أقوى: مع توفر العمل والمال لما يقارب من 450,000 شخص (44.6٪ من الشباب، 21.7٪ من الإناث و19.9٪ من النازحين داخليًا / العائدين) لإعادة بناء مجتمعاتهم، تمكن أكثر من 5.5 مليون شخص من الوصول إلى الخدمات المنقذة للحياة، مثل المياه والغذاء والصحة والتعليم والطرق والصرف الصحي.

من خلال توفير النقد مع التدريب وبناء القدرات في مجموعة متنوعة من المهارات وخلق فرص عمل في البنية التحتية المجتمعية الصغيرة، يتم توظيف العديد من اليمنيين لإعادة بناء مجتمعاتهم واستعادة شعورهم بالأمل لغدٍ أفضل. وبالتركيز على الأسر الضعيفة -لا سيما النساء والشباب- ساعد المشروع الفئات الأكثر ضعفًا على الاستفادة من مصادر الدخل قصيرة الأجل لإعالة أسرهم.

دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والأصغر: لم يقتصر دعم مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن لمؤسسات التمويل الأصغر الوطنية لمواصلة تقديم خدماتها المالية لأكثر من 57,000 من المشاريع الصغيرة والأصغر فحسب، بل قام المشروع أيضًا بدعم 16,700 من الأعمال الصغيرة والأصغر المعرضة للانهيار في جميع أنحاء اليمن على الوصول إلى التمويل وبناء القدرات والإدماج في السوق. وقد ساعد ذلك في تحسين دخلهم، ومواصلة توفير السلع والخدمات المحلية في مجتمعاتهم المحلية، وخلق فرص عمل إضافية.

بناء القدرة على الصمود في مجال الأمن الغذائي: كواحد من أكثر البلدان التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي في العالم، عملت شراكة البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة معًا لبناء القدرة على الصمود في مجال الأمن الغذائي في اليمن. وقد تحقق ذلك من خلال إعادة تأهيل ما يقارب من 24,000 هكتار (حوالي 59,300 فدان) من الأراضي الزراعية، ومساعدة ما يقارب من 12,000 مزارع ومربي مواشي وصياد (20٪ إناث) على زيادة إنتاجهم وتحسين دخلهم.

حماية مستقبل اليمن: لا يساهم سوء التغذية في تعرض حوالي 45٪ من الأطفال (أقل من 5 سنوات)[1] للوفاة فحسب، بل إن مستقبل اليمن أيضًا معرض لخطر كبير إذا أصيب الملايين من أطفاله بالتقزم والهزال والضعف؛ سيكون لهذا آثار اجتماعية واقتصادية لعقود قادمة.

ولمعالجة ذلك؛ فإن شراكة البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع الصندوق الاجتماعي للتنمية قد أدركت الفائدة وافضلية التحويلات النقدية المشروطة على التوزيع المباشر للغذاء. فبالإضافة إلى الدعم المالي لأكثر من 200,000 أم مع أطفال يعانون من سوء التغذية لشراء أغذية مفيدة ومغذية، فقد ركزوا أيضًا على بناء معارفهم وممارساتهم في مجال صحة وتغذية ورعاية الأطفال للحفاظ عليهم أصحاء وأقوياء. لقد ساهم ذلك في علاج أكثر من 115,000 طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية.

الاستثمار في القدرات المحلية:إن ما يميز الشراكة الفريدة بين البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن هو العمل مع الشركاء الوطنيين الرئيسيين - الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة - للحفاظ على قدراتهم وتعزيزها وضمان استمرارهم في تقديم خدماتهم المنقذة لحياة ملايين اليمنيين ودعم برامج التعافي الحيوية.

يقدم كل من الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة في اليمن نموذجًا لمدى جدوى استخدام القدرات المحلية والوطنية الحالية والاستثمار فيها لتقديم مساعدات التنمية في المناطق المتأثرة بالأزمات، مع استخدام نهج مجتمعي يركز على تمكين المجتمعات المحلية والعمل معها بشكل مباشر للتعويض عن القدرة المحدودة، أو غياب المنظمات غير الحكومية وكذلك ضعف الحكومات المحلية.

من خلال تشجيع ملكية المجتمع -وتحديد الأولويات التي من شأنها تحسين نوعية حياتهم- تشارك المجتمعات بنشاط في تخطيط وبناء البنية التحتية التي ستغير حياتهم.

زيادة الدعم

بناءً على نجاح مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن، وقع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الدولي على مشروعين آخرين -مشروع الصمود والحماية الاجتماعية بقيمة (61.4) مليون دولار أمريكي و مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن - بقيمة (23.8 مليون دولار)- لتوسيع نطاق استجابتها للطوارئ ودعم تدخلات الحماية الاجتماعية والقدرة على الصمود في مجال الأمن الغذائي من خلال التحويلات النقدية واستعادة سبل العيش وتوفير الخدمات الرئيسية.

من خلال دعم وشراكة المؤسسة الدولية للتنمية، يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الدولي في اليمن على ضمان وصول الدعم إلى المجتمعات الأكثر احتياجاً وتمويل المؤسسات الوطنية لضمان استمرارية خدماتها. يعتبر هذا الدعم ضرورياً لدعم صمود الأسر والمجتمعات الأكثر عرضة للمخاطر، وايضاً مهماً في إعادة الإعمار بعد الصراع وتحقيق التعافي المستدام.

[1] https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/children-reducing-mortality#:~:text=Malnourished%20children%2C%20particularly%20those%20with,under%2D5%20years%20of%20age.