كلمه المدير الإقليمي مراد وهبه في إفتتاح الجمعية العامة للمجلس العربي للمياه

16 مارس 2019

كلمه
مراد وهبه

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة
المدير المساعد، ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي
في الجلسة العامة الافتتاحية
الجمعية العامة للمجلس العربي للمياه
| فندق انتركونتيننتال، سيتي ستار، مصر الجديدة، القاهرة | 16 مارس 2019 | الساعة 14:00-15:00 |

معالي الدكتور أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية

معالي الدكتور محمود أبو زيد رئيس المجلس العربي للمياه

أصحاب المعالي والسعادة

الحضور الكريم

أستهل حديثي معكم اليوم بشكر موصول لمعالي الدكتور أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، ولمعالي الدكتور محمود أبو زيد رئيس المجلس العربي للمياه، لدعوتي للمشاركة في افتتاح أعمال الجمعية العامة الخامسة للمجلس العربي للمياه.

ويسرني المشاركة في هذا الاجتماع ممثلاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى جانب شركاء التنمية الآخرين من البنك الدولي، واليونسكو، ومركز البيئة والتنمية للمنطقة العربية وأوروبا "سيداري،" وجمهورية الصين الشعبية.

لقد حرصت على المشاركة في هذا الاجتماع البالغ الأهمية الذي سيركز على استعراض أهم تحديات المياه في المنطقة العربية والسعي لوضع خارطة طريق لاستخدام أمثل وأكثر استدامة للمياه، وفقاً للهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة والمعني بضمان توافر المياه للجميع.

ويأتي اجتماعنا هذا سابقاً لليوم العالمي للمياه، والذي تحتفل به الأمم المتحدة في 22 مارس من كل عام، لتسلط الضوء على أهم القضايا الملحة حول المياه والتحديات التي تواجه المجتمعات بشأنها في جميع أنحاء العالم. وسيركز اليوم العالمي للمياه لهذا العام على قضية "توافر المياه للجميع،" والذي يعد عاملاً حاسماً في تحديد مستويات عدم المساواة والفقر في جميع أنحاء العالم. كما يعد ضمان توافر المياه للجميع حجر الزاوية لتحقيق نتائج ايجابية عبر كافة أهداف التنمية المستدامة الأخرى.

وتكتسي تلك القضية أهمية خاصة في منطقتنا العربية، فهي قضية أمن ومصير. إذ يزيد متوسط حصول الفرد على المياه المتجددة عالمياً عن ثمانية أضعاف ما يماثله نظيره في المنطقة العربية. وفي حين أن متوسط هطول الأمطار في المنطقة العربية يقل بكثير عن المتوسط العالمي، ويأتي 14 بلداً عربياً على رأس قائمة دول العالم الأكثر شحاً في المياه، فإن الطلب على المياه في المنطقة لا يتوقف عن النمو.

وبحلول العام 2030، من المقدر أن تفاقم التغيرات المناخية من المخاطر التي تواجه الأمن المائي العربي بما قد يؤدي إلى تقليص أكبر للموارد المائية المتجددة بنسبة 20 بالمائة، إذا ما استمرت ثنائية الطلب المتزايد على المياه والانخفاض المطرد في كمية المياه المتوفرة. وتشير التوقعات الى انه بحلول عام 2030 قد يصل العجز المائي في المنطقة إلى ثلاثة اضعاف مستوياته في عام 2000.

 

حضرات السيدات والسادة

تحتاج منطقتنا العربية اليوم، وبشكل مُلِح، إلى تحسين أنظمة إدارتها للموارد المائية على نحو متكامل من أجل تعزيز التآزر ما بين الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة وبقية الأهداف وتوليد فوائد مشتركة فيما بينها. فضمان توافر المياه للجميع له دور محوري في تحقيق كافة أهداف التنمية المستدامة بما في ذلك تلك المتعلقة بالحد من الفقر والأمن الغذائي والحصول على الطاقة والمساواة بين الجنسين.

وتحتاج المنطقة كذلك لبناء قدرات جديدة تُمَكِّنها من معالجة الارتباط الوثيق بين أبعاد ثلاثة أساسية للأمن: الأمن المائي والأمن الغذائي وأمن الطاقة؛ ومن التوسع في سبل تمكين كافة النساء من الحصول على المياه اللازمة لضمان صحتهن وتوفير سبل العيش لهن؛ ومن إدارة المخاطر المائية الناجمة عن تغير المناخ بما في ذلك ترشيد استخدامات المياه، والحد من هدرها واستكشاف طرق جديده ومبتكرة لإعادة استخدامها، وزيادة الاستثمار في ابتكار حلول على مستوى المجتمع وبناء شراكات مع القطاع الخاص للتوسع في توفير المياه.

إن المجتمعات الفقيرة والمهمشة وبخاصة النساء فيها، تعاني أكثر من غيرها من تبعات شح المياه ولذا ستكون هي المستفيد الأول والأكبر من أية مبادرات جديدة لتعزيز الأمن المائي العربي. كما يجب كذلك التركيز بشكل كبير على الأعداد المتزايدة من النازحين بسبب النزاع في مختلف أرجاء المنطقة العربية، ويعد ضمان توافر المياه لهؤلاء قضية بقاء وحجر زاوية لأي جهد لتعزيز صمودهم في وجه ما يعانونه من أزمات طاحنة وللتعافي من آثار تلك الأزمات.

ويتصدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لهذا النطاق العريض من تحديات المياه في المنطقة العربية من خلال مجموعة من المبادرات التي نتعاون مع كافة وكالات الأمم المتحدة الأخرى ذات الصلة على تنفيذها على المستويين الإقليمي والوطني.

على المستوى الإقليمي، قاد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي جهود إنشاء المرفق الإقليمي للمناخ لتحقيق اهداف التنمية المستدامة، والذي أطلقناه اليوم رسمياً، في شراكة تجمع كل من جامعة الدول العربية، والمجلس العربي للمياه، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، ومكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، وبرنامج الأغذية العالمي، وذلك بتمويل يناهز 7 ملايين دولار قدمته مشكورة الوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي.

وستساعد هذه الشراكة الجديدة البلدان العربية على تحقيق أهداف اتفاق باريس بشأن المناخ بما يعزز سعيها لتحقيق كافة أهداف التنمية المستدامة، مع التركيز على الهدف السادس المتعلق بضمان توافر المياه للجميع. فلقد شهدت المنطقة العربية في العقد ما بين عامي 2007 و2017 واحدة من أشد دورات الجفاف في تاريخها الحديث، مما هدد أمنها المائي على نحو خطير، وتسبب في تعرض بعض أجزاء المنطقة للمجاعات والنزوح الداخلي من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية. ومع ارتفاع متوسط درجات الحرارة في المنطقة بمعدل أسرع من المتوسط العالمي تتزايد الحاجة إلى جهود عاجلة لبناء قدرة منظومة الموارد المائية العربية على الصمود في وجه التغيرات المناخية. وسيسهم المرفق الإقليمي للمناخ لتحقيق اهداف التنمية المستدامة في تطوير أدوات جديدة لإدارة المخاطر ونظم للإنذار المبكر، وفي تعزيز فرص الحصول على التمويل الأخضر والتكنولوجيات المناسبة لتعزيز قدرات المجتمعات المحلية والنظم الإيكولوجية العربية على الصمود لتغير المناخ.

وعلى المستوى الوطني، يقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أيضاً بتوسيع نطاق أعماله لضمان توافر المياه للجميع، موليا اهتماماً خاصاً لإعادة تأهيل مرافق المياه في المجتمعات المتأثرة بالنزاعات في جميع أنحاء المنطقة العربية.

ففي اليمن على سبيل المثال، تواجه البلاد أكبر تفشي لمرض الكوليرا في التاريخ الحديث، إذ يفتقر أكثر من 19 مليون شخص، أي ما يقرب من 80 بالمائة من السكان، إلى مياه الشرب النظيفة والصرف الصحي. ولهذا تمثلت إحدى أهم إسهامات مشروع الاستجابة الطارئة للأزمة في اليمن، والذي ينفذه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتمويل من البنك الدولي يزيد على 300 مليون دولار، في ضمان توفير المياه الصالحة للشرب لأكثر من مليوني شخص، من خلال أكثر من 300 مشروع لحصاد المياه ولتعزيز إمداداتها، وزيادة القدرة على تخزينها بحوالي 70,000 متر مكعب.

وفي العراق، يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تشجيع عودة ملايين النازحين إلى المناطق المحررة حديثًا من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، من خلال أكثر من 1,000 مشروع تلبى احتياجات الاستقرار والتعافي، ينفذها مرفق التمويل لتحقيق الاستقرار في العراق، والذي يقدر تمويله بأكثر من 400 مليون دولار من الدعم المقدم من أكثر من 20 جهة مانحة. وهنا أيضا شغل إعادة تأهيل مرافق المياه حيزاً رئيسياً، شمل 25 مبادرة لإعادة تأهيل مرافق المياه في الرمادي، و14 في سهول نينوى، وإعادة تأهيل 12 منشأة لمعالجة المياه في الموصل، بما يضمن توفير المياه لمئات الآلاف من الناس، يدعم قدرة المجتمعات على الصمود ويعزز الاستقرار الشامل في المناطق المتأثرة بالنزاع في العراق.

 

حضرات السيدات والسادة

إن تحقيق استخدام أكثر استدامة للمياه في المنطقة العربية هو إحدى الأولويات الرئيسية للأمم المتحدة. ومن خلال مبادراتنا للشراكة على المستويين الإقليمي والوطني، تسعى المنظومة الإنمائية للأمم المتحدة على حشد موارد جديدة وتطوير قدرات مستجدة من أجل تسريع تحقيق الهف السادس من اهداف التنمية المستدامة، فضلا عن الأهداف المحلية المرتبطة بالتعافي من الأزمات. وتقف منظومة الأمم المتحدة دائما على أهبة الاستعداد لمواصلة وتوسيع التعاون في هذا المجال الحيوي.

وفي الختام أود أن أجدد الشكر لجامعة الدول العربية وللمجلس العربي للمياه على تنظيمهم لهذا اللقاء المهم لجميع البلدان العربية للتصدي لأحد أهم التحديات التي تواجه المنطقة اليوم في ضمان توافر المياه للجميع.

أشكركم على حسن متابعتكم وأتمنى أن تخرج اجتماعاتكم هنا بنتائج مفيدة لشعوبنا في المنطقة العربية.
 

شراكة جديدة من أجل المناخ وأهداف التنمية المستدامة في البلدان العربية